تزوجت بعد إنهائها المرحلة الثانوية، لم تكمل دراستها ولم تتعلم حتى قيادة السيارة، فزوجها لم يسمح لها بتعلمها، وهي الأخرى لم تجد حاجة في تعلمها، فهي كما كانت تقول: “كان يعاملني كالأميرة، ولم يقصر يومًا في حقي في أي شيء، أنجبت الطفل تلو الآخر”، فكان لها من هذا الرزق ثلاثة. ولأن الحياة خافضة رافعة وبالعكس، تحولت حياتها بين ليلة وضحاها إلى حياة مختلفة تمامًا، أصيب زوجها بجلطة، ودخل في غيبوبة، فاق منها بعد أشهر مشلولًا شللًا رباعيًا لا يقوى على شيء غير حركة رأسه والكلام. فوجدت نفسها حائرة، ضائعة، متخبطة! كانت زوجة وأما تقليدية جدًا، وكأنها واحدة من أمهات الزمن الجميل رغم أنها لم تتجاوز ربيعها الخامس والعشرين. وكان زوجها محور حياتها وحياة أطفالها، هو من يقوم بكل المهمات خارج المنزل، فلا تعرف كيف تنهي معاملة ولا تدفع فاتورة ولا حتى كيف توصل أبناءها مدارسهم.
جميل أن يدلل الزوج زوجته، ويحملها كما نقول بالعامية “على كفوف الراحة”، ويعاملها كالملكة أو الأميرة، فالأنثى بطبيعتها تستأنس بذلك وتتفانى لزوجها وأبنائها كلما وجدت ذلك من شريك حياتها، ولكن كل ذلك قد يتحول من نعمة إلى نقمة، فلا شيء دائم، فالشريك قد يمرض، وقد يموت، وقد تتغير مشاعره وينفصل عن شريكته، حينها ستقف المرأة عند منتصف الطريق تتلفت يمنة ويسرى، ولا تعرف أي طريق تتجه إليه، خصوصًا إن لم يكن لها ظهر أو سند من عائلتها. أن تعتمد المرأة على نفسها، وأن تكون مسلحة بالعلم والعمل، وأن تكون واعية مثقفة تعرف كيف تتصرف في المواقف والظروف، يجعلها كالجدار الذي يتحمل ضربات الزمان الموجعة. والرجل الذي يحب زوجته ويعاملها كالأميرة عليه أن يعلم أنه إن أراد أن تبقى شريكة حياته طوال حياتها أميرة لا تحتاج لأحد من بعده، ان غاب لأي سبب كان، عليه أن يعلمها كل ما من شأنه أن ييسر حياتها وحياة الأبناء، لا أن يبقيها على عرش لا عماد له.
ياسمينة: لا تأمني الأيام، وكوني قوية لتحمي نفسك وأسرتك.
*كاتبة بحرينية