+A
A-

رئيس جمعية مصارف البحرين في حوار مع “البلاد”: مبادرات الملك المعظم بالقمة العربية تحاكي تطور المجتمع وتمهد لتوطين “الفنتك”

لتطوير‭ ‬عملياتنا‭ ‬المصرفية‭.. ‬بطاقة‭ ‬“بنفت”‭ ‬خليجية‭ ‬ثم‭ ‬عربية

الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬يجنبنا‭ ‬التراجع‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬الغير

 

ما إن انتهت القمة العربية في مملكة البحرين، وتم الإعلان عن مبادرات صاحب الجلالة مليكنا المعظم، حفظه الله ورعاه، حتى امتلأت الأسافير العربية والعالمية بردود الفعل، وأخذت في التعاطي والتفكر والبحث في كل ما جاء بالكلمة السامية. وما إن قرر مجلس الوزراء برئاسة صاحب السمو الملكي رئيس مجلس الوزراء ولي العهد، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، حفظه الله، تشكيل لجنة وزارية لبحث تفعيل مبادرات جلالة الملك المعظم، حتى بدأ المختصون في الإدلاء بدلوهم بشأن كيفية التفعيل، وآلية التنفيذ، وجداول إكمال المهمات الصعبة. 

ضمن هذه السياقات أجرت “البلاد” العديد من اللقاءات، والكثير من الحوارات مع ذوي الاختصاص، حول كيف يمكن الاستفادة من المبادرات الكريمة لصاحب الجلالة، وما هي ملامح الخطوة الأولى كون هذه المبادرات هي الأولى من نوعها التي يتم طرحها بعد قمة عربية في غاية الحساسية وتعتبر هي الأهم ربما في تاريخ القمم العربية على الإطلاق؟
جولة علمية
الرئيس السابق لاتحاد المصارف العربية ورئيس جمعية مصارف البحرين، عدنان بن أحمد يوسف، يضرب على الحديد وهو ساخن ويضع الحصان أمام العربة، وينطلق معنا في جولة علمية تتحدث عن مبادرات صاحب الجلالة التي ارتبطت بضرورة إدخال علوم التكنولوجيا المالية “الفنتك” في مناهج مدارسنا وجامعاتنا، حتى تكون لنا اليد الطولى في تصنيع التكنولوجيا الفارقة وإنتاجها وتحقيق التضامن العربي في مجالات العلوم والتقنيات الرقمية الفارقة، فإلى نص الحوار معه:

* كيف يمكن الاستفادة من المبادرة الكريمة لجلالة مليكنا المعظم بعد القمة العربية الأخيرة؟
 مبادرات صاحب الجلالة الملك المعظم هي الأولى، ربما التي تأتي بعد انعقاد قمة عربية، كانت ملحقا مهما لمقررات القمة، ولحظة إضافة لما يمكن أن يقوم به عالمنا العربي من ردود أفعال بعد التفوق الغربي العلمي علينا، وبعد أن أصبح استهلاكنا للتكنولوجيا أكبر بكثير من أمم أخرى سبقتنا في إنتاج هذه التكنولوجيا، خاصة أن المبادرات السامية تحاكي تطور المجتمع، وتلتقط احتياجاته المتعاظمة بقوة رفع ذاتية مفادها أن مواجهة التحديات لابد لها من علوم متقدمة، بل ولابد لها لكي تحدث اتفاقا أن يكون هناك تعاون عربي – عربي محط أنظارنا جميعنا، لا يصح ولا يستقيم أن يغرد كل منا بعيدا عن السرب، وأن يحلق أحدنا في وديان غير ممهدة بالعلوم والتقنيات الرقمية، والفنون والآداب والمجالات العلمية المتواصلة.
“الفنتك” والعلوم المصرفية
لقد تحدث جلالته في مبادراته عن علوم “الفنتك” أو علوم التكنولوجيا المالية، وهي في حد ذاتها العلوم التي نشأنا في مصارفنا على استخداماتها المتقدمة، حتى أصبحت جزءا لا يتجزأ من معاملاتنا المصرفية اليومية، ومن هنا كان يجب الانتباه أن ما طرحه جلالته هو شأن شديد التخصص، لم نكن نتصور كمصرفيين أن جلالته حفظه الله ورعاه يتابع رغم مشاغل جلالته وهموم أمته ومسئوليات بلاده هذا التخصص العلمي والتكنولوجي الجديد.
وتابع يوسف “نحمد الله ونشكر فضله أن قائدنا قد التقط هذا المحور المهم وأطلقه كمبادرة علمية أمام القمة، بل وكمشروع حضاري لابد من التعاطي معه وصولا وتحقيقا لما يسمى بالنماء المستدام وفقا لمقررات الأمم المتحدة”.
هذا في حد ذاته دليل على أن جلالة الملك المعظم قد تبحر وارتأى أن “الفنتك”، والذكاء الاصطناعي وعلوم المستقبل هي السبيل الوحيد لتقدمنا وإخراجنا من مطبات التراجع والاعتماد على الغير.
* إذا كان الأمر كذلك كيف يمكن تنفيذ هذه المبادرات، وكيف لنا تحقيق أكبر استفادة منها؟
 تحديد برنامج عمل فوري، بتواريخ محددة، أي بفترة زمنية نسابق بها الآخرين.
لجان فرعية
* لقد تم تشكيل لجنة وزارية في مجلس الوزراء برئاسة سمو رئيس مجلس الوزراء ولي العهد، حفظه الله، كيف ترى هذه الخطوة؟
 خطوة جيدة كان لابد منها، تشكيل لجنة لدراسة تنفيذ مبادرات صاحب الجلالة، لذا أقترح والكلام، تشكيل لجنة فرعية للتقنية ترتبط بعلوم “الفنتك”، كما أرى أن من الضروري تشكيل لجان أخرى متخصصة تبحث في كيفية تفعيل المبادرات الملكية السامية الأخرى، لجان تعمل بفترة زمنية معينة، وببرنامج عمل واضح على أن تضم خبراء ومتخصصين كل في مجاله، وكل في صميم عمله، وكل في موقعه الوظيفي أو المهني.
الكل مستفيد
* كيف يمكن الاستفادة من مبادرات صاحب الجلالة؟
 الاقتصاد سوف يستفيد، ومملكة البحرين سوف تستفيد، والأمة العربية بما فيها منطقة الخليج من دون شك سوف تستفيد، أهم ما يمكن تحقيقه هنا هو إصدار شبكة “بنفت” موحدة تبدأ خليجية ثم عربية، ببطاقة صرف موحدة وبكود تسلسل رقمي محدد، بحيث يمكن تحويل الأموال منها، واستقبال الأموال عليها، لقد كنا في سبعينات وثمانينات القرن الماضي نتحرك كوحدة مصرفية واحدة، سواء على المستوى العربي أو الخليجي، وكان لدينا مبادرات خلاقة في التعاون المصرفي والمالي، وفي قطاع الأوراق المالية، والتكامل الاقتصادي.
من هنا يمكن الاستفادة من هذه المبادرات مصرفيا، وتفعيل التعاون العربي في التمويل المشترك، والبث الموحد لشبكة “بنفت” خليجية أو عربية.
مصارف البحرين
* هذا يقودنا إلى مصارف البحرين وأنت رئيس لجمعيتها، كيف ترى مستقبلها في ظل الحالة السياسية والأمنية التي يمر بها إقليم الشرق الأوسط بأسره؟
 السيولة في مصارف البحرين جيدة، وهي أحد المعايير التي يمكن الحكم بها على جودة الموجودات، وحالة الصيرفة المالية لدينا أيضاً، فالمنتجات المصرفية غير أنها جيدة وتحقق المردود المطلوب منها، تحت إشراف مصرف البحرين المركزي الذي يساند برقابته الصارمة، وإرشاداته القيمة مصارفنا على سد الذرائع، على تقييم المخاطر، وعلى الانطلاق بحرية مقبولة نحو الأسواق الدولية بكل كفاءة وإتقان واقتدار، رغم كل ذلك لابد من وضع خطة خمسية لتطوير مصارفنا، بحيث تواكب متطلبات التنمية واحتياجات العصر، من علوم متقدمة وتكنولوجيا هائلة، وذكاء اصطناعي قادر على تسهيل وتطوير الأعمال.
ولحسن الطالع شاركت خلال الأيام القليلة الماضية في مؤتمر المصارف العربية المنعقد في العاصمة التركية إسطنبول، واستمعت إلى كلمة مهمة لوزير المالية التركي، طالب فيها بضرورة عقد اتفاقيات جماعية للتعاون مع دول الخليج، كما طالب بضرورة التعاون في مجالات التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلوم المالية والمصرفية المتقدمة، وهذا يوضح إلى أي مدى تكتسب منطقتنا أهمية بالغة بين الأمم وهو ما يدفعنا إلى التفكير بعمق أكثر في كيفية الارتقاء بمنتجاتنا المصرفية وأوضاعنا الاقتصادية.