تمثل مبادرة الحزام والطريق، التي أطلقتها بكين عام 2013، واحدة من أكثر مشاريع البنية التحتية والتنمية الاقتصادية طموحا في التاريخ الحديث والتي تسعى إلى إعادة خلق روح طريق الحرير القديم من خلال تعزيز الروابط التجارية المباشرة بين آسيا وأوروبا وإفريقيا.
غير أن هذه المبادرة الضخمة التي نحتفل بالذكرى السنوية العاشرة لإطلاقها والتي نجحت حتى اليوم في إنشاء أكثر من 3000 مشروع تعاوني، وعززت حجم الاستثمار بنحو تريليون دولار، لا تهدف إلى تشييد البنية التحتية فقط، بل كإطار تعاوني للتوافق والمساهمة في الاستقرار والرخاء العالميين من خلال إعادة تشكيل الديناميكيات الاقتصادية العالمية بطريقة تعزز القيم المشتركة والتنمية المستدامة.
وأقول إن إحدى أهم مزايا مبادرة الحزام والطريق هي قدرتها على تحفيز النمو الاقتصادي في البلدان الشريكة، فمن خلال تطوير البنية التحتية مثل الطرق والسكك الحديدية والموانئ، تستطيع المبادرة تعزيز القدرات التجارية وفتح أسواق جديدة، وهذا الأمر بحد ذاته يحمل أهمية بالغة للاقتصادات الناشئة في آسيا الوسطى وإفريقيا، التي عانت لفترة طويلة من تردي أو عدم أهلية البنية الأساسية.
وبعيداً عن الاقتصاد البحت، تعمل المبادرة على تعزيز التواصل الثقافي والسياسي، حيث تعزز مشاريع البنية التحتية علاقات أوثق بين الصين والدول الواقعة على طول الطرق، بما قد يؤدي إلى عالم أكثر تكاملا حيث تتدفق السلع والخدمات والأفكار بحرية أكبر.
علاوة على ذلك، تلعب مبادرة الحزام والطريق دوراً أساسياً في إنشاء مؤسسات مالية جديدة، مثل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وبنك التنمية الجديد لتوفير الدعم المالي اللازم لمشاريع البنية التحتية واسعة النطاق بعيدا أو بديلاً للمؤسسات المالية التقليدية التي يقودها الغرب مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وهذا من شأنه أن يعيد تعريف العلاقات الاقتصادية العالمية ويسحب بساط الهيمنة السائدة للمؤسسات الغربية.
* رئيس ومؤسس مجموعة طلال أبوغزاله العالمية