العدد 5646
السبت 30 مارس 2024
banner
سمات المجتمع
السبت 30 مارس 2024

ليس مفهوماً تماماً تغير الإنسان وما العوامل التي أثرت في طريقة تعاطيه مع مجتمعه ومحيطه، فقد اعتيد سابقاً على عادات وأخلاقيات معينة، كانت كالقوانين الثابتة التي لا يمكن العدول عنها. إن للأخلاق لغة واحدة، واضحة، لا تقبل التغيير، وقد اعتيد في مناطقنا القديمة سابقاً على بعض الممارسات والأخلاقيات التي لم تعد موجودة إلى حد ما في وقتنا الحاضر، إلا ما رحم ربي، ومنها أنه كان التكاتف سمة أساسية في المجتمع، وأبناء الحي الواحد كانوا بمثابة الأسرة الواحدة، يتساعدون ويتناصرون، كما كان من المعيب مثلاً المشي خلف امرأة بالطرقات، خصوصا الضيقة منها، وذلك احترامأً وتهذباً، وكان الرجال وحتى الصبية يتجاوزون النساء حتى لا تقع أعينهم عليهن فيسارعون الخطوات حتى تجاوزهن، كما كانت ابنة الحي أو كما نطلق عليه بالعامية (الفريج)، بمثابة الأخت، لا يسمح لأي أحد أن يتجاوز حدوده معها أو أن يسيء لها أو أن يخطئ في حقها.
ليست مسألة مقارنة ما بين الماضي والحاضر، وكما يقال (لو خليت خربت)، ولكن الحديث هنا عن تفاصيل قد تعد بسيطة في نظر البعض أو غير ملزمة، لكنها تشكل فكراً وثقافةً من المحزن ألا نراها بالحجم الذي كانت عليه في السابق، وذلك لأسباب قد لا تكون مقنعة البتة. ويجاهد بعض أولياء الأمور في وقتنا هذا لكي يعلموا أبناءهم على ما تربوا عليه واعتادوه وألفوه، لكن نسبتهم قد تكون قليلة بالمقارنة مع ما كان عليه الحال في الماضي، فكلما تعقدت الحياة أكثر وأكثر، كلما بعدت بعض التفاصيل التي كانت جزءاً مميزاً وملفتاً في الحياة الاجتماعية، لكنها لم تعد موجودةً بفعل التسارع والاكتظاظ وغيرهما، وهنا يأتي دور التوجيه للأجيال المقبلة حتى لا تفقد أجزاء أخرى تصيب شيئاً من سمات المجتمع بمقتل.
* كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .