العدد 5640
الأحد 24 مارس 2024
banner
هل نعيش أفضل أزماننا؟ وعقدة الزمن الجميل!
الأحد 24 مارس 2024

دائما ما يتم ترديد مقولة الزمن الجميل مصحوبة بآهات وتنهيدات عميقة من القلب مليئة بالحسرة والندامة على زمن مضى ومقارنته بشكل سلبي مع الواقع الذي نعيشه والحاضر المحبط بحسب ما يتم تكراره.

لكن هل هذا هو بالفعل انطباع دقيق وعادل وموضوعي؟ الإحصاءات تفيدنا بأن إنسان اليوم يعيش أفضل مراحل عمره على الأرض، جودة الحياة في تحسن، قدرته على مواجهة الأمراض تطورت بشكل هائل وكبير جدا، رفاهية وراحة البشر بلغت مراحل غير مسبوقة في تاريخ الإنسان على هذا الكوكب، تطورت العلوم بشكل مذهل وفي شتى المجالات وأصبح الحصول على المعرفة والمعلومات مسألة أبسط ومتاحة لأعداد مهولة من الناس وبشكل فوري وذلك بسبب ثورة تقنية المعلومات التي نعيشها.

البنى التحتية والتطور العظيم في منظومة الوسائل الخاصة بالتنقل والسفر مكنت الإنسان من أن يطوي المسافات ويتفاعل مع نظرائه في كل أنحاء العالم محققا تواصلا غير مسبوق بين سكان المعمورة.


هناك أسئلة مستقبلية تقلق الإنسان ولا شك، مثل مصير تداعيات أزمة المناخ العالمية، وسخونة تهديدات انطلاقة شرارة الحرب العالمية الثالثة، وخطورة وغموض الآثار المنتظرة من تطورات الذكاء الاصطناعي وتهديده مفهوم العمل والإبداع، وتطورات الفيروسات المرضية القادمة وخطورتها المنتظرة على صحة الناس حول العالم. كل هذه الأسئلة وغيرها بطبيعة الحال مدعاة للقلق والخوف بلا أدنى شك، لكن هذا لا يجب أن يحولنا إلى كائنات ناقمة تعشق جلد الذات ولا ترى خيرا فيما هي فيه وتعتبر أن كل الخير قد فاتها قديما. هناك كتاب مهم للكاتب الأميركي المعروف ستيفن بينكر بعنوان "أفضل الملائكة في طبيعتنا" يقدم فيه تفصيلا دقيقا عن أننا اليوم نعيش أفضل أوقاتنا كبشر، ازدهار العلم وتطور التبادل التجاري وزيادة التفاعل بين الناس والانصهار الثقافي بين الأمم وتحسن مستوى الصحة والعلاج والطب بشكل واضح.. كل ذلك كان يصب في إيجاد مجتمعات ترتفع فيها درجات الحضارة والتمدن. قد نكون بحاجة ماسة لإعادة النظر في تقييمنا لواقعنا وحاضرنا والتعامل معه بمحبة أكبر وحسن ظن أفضل ورحابة صدر حقيقية.

كاتب وإعلامي سعودي

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .