لن أتحدث اليوم عن ما يواجه سكان قطاع غزة، خصوصا الشمال، من تهجير ونزوح وقتل وترويع وجوع! لكنني سأتحدث عن أثر ذلك على العالم بأسره، العالم الذي يتابع عن كثب ما يراه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والأخبار عن موت المئات جوعا في قطاع غزة، العالم الذي يعاني من ارتفاع في الأسعار وغلاء في المعيشة، العالم يدري بل الأمم تدري أنها قد تكون الحلقة القادمة لمسلسل تجويع متقن، فهل يعتقد قادة العالم السياسيون أنهم جاهزون لمثل تلك الثورة؟ لا أعتقد ذلك، فكل الحسابات تشير إلى أن ما يحدث حاليا في بقعة فلسطين غير مدروس بالمرة، لا فكرة الهجوم ولا رد الهجوم ولا ما يحدث حاليا من قتل للأبرياء خصوصا الأطفال والنساء أمور مدروسة! ووسط ذلك كله يجد العالم أنفاسه حبيسة تجاه قضية أو موقف، وهو يعي تماما أن ما يحدث هناك من تكالب لأقسى القوات بطشا على مدنيين وعزل هدفه التخلص من شعب بأكمله، وقد تكون عملية مجمع عليها في السر والعلانية، وأن أية أمة ستواجه نفس البطش والمصير إذا ما اختلفت مصالحها مع العدو الذي يحاول جاهدا فرض سيطرته على المنطقة، ثم على العالم بأسره، وسيكون معناها مواجهة مصير مشابه لما يحدث هناك! لكن يا ترى، هل مشاهد الأم المكلومة التي فقدت أطفالها وهم جوعى قد غابت عن الأذهان؟ هل صور الأطفال الذين تحولوا إلى هياكل عظمية أصبحت بمزابل التاريخ بلا رجعة، أم أشكال الكهول الذين باتت أجسادهم نحيلة كالخيزران قد اختفت من الذاكرة! إن ما يفعله الغرب من أسوأ الأمور على مر التاريخ، فهو يقتل ويجوع ويرهب على مرأى ومسمع العالم بأسره، ولا أعتقد أن العالم سيقبل بغزة أخرى، لذا فإن أية محاولات جديدة لرفع الأسعار العالمية وشح المواد الغذائية ستقابلها ثورة عظيمة، لن تكون ثورة شرف أو كرامة بل هي ثورة جياع لا محالة.
كاتبة وأكاديمية بحرينية