العدد 5626
الأحد 10 مارس 2024
banner
الموظف البائس!
الأحد 10 مارس 2024

كنت في مراجعة لإحدى الدوائر الحكومية، حيث استقبلني شاب وسيم على مكتبه، ملامحه تدل على الضجر، ألقيت عليه التحية ورد دون صوت، جلست أمامه وبدأت إنهاء المعاملة، لم يكن من الصعب أن أميز أن الشاب في منتهى حالات التململ، كانت إجاباته مختصرة، ولم يكلف نفسه رفع عينيه للتواصل أثناء الحديث لا معي ولا مع غيري، انتهيت من إجراء المعاملة، وقادني فضولي لأن أتابع الشاب وهو يجري معاملة الرجل الكهل الذي كان ينتظر دوره خلفي، لم يتغير شيء، لا تواصل نظري، ردود باهتة بعبارات مقتبسة من كتيب الإدارة تحتاج إلى كثير من الشرح دون شرح!
خرجت مسرعة، والحمدلله أن صديقتي كانت تنتظرني على باب الإدارة التي تواجدت في أحد أهم وأجمل الأماكن الحيوية في البلد، ذهبنا معا لتناول كوب من القهوة لكن صورة الشاب لم تغادر مخيلتي، ثم سألت صديقتي، هل رأيت ذلك الشاب الوسيم الذي أجرى معاملتي، لتجيبني... “إي ذاك اللي ماله بارض”، هنا عرفت أن صديقتي لم يشد انتباهها أي شيء في ذاك الموظف سوى ضجره، والحقيقة أن أسلوبه خلف في عقلي الكثير من الأسئلة، منها لماذا شاب في نهاية العشرين أو بداية الثلاثين يتعامل بكل هذا البرود والضجر؟ ما الذي أوصل الشاب إلى تلك المنطقة، هل يعاني من احتراق وظيفي؟ لماذا هو بائس كمن انتهت دنياه؟ الكثير والكثير من الأسئلة التي لا حصر لها، وسؤالي هنا ماذا فعلتم بهذا الشاب وغيره؟ أين روح الشباب؟ أين المحبة والمساعدة والإقبال على الدنيا! إن كان هذا حال شاب في نهاية العشرين فماذا نتوقع منه إن أصبح في نهاية الأربعين؟.

* كاتبة وأكاديمية بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .