مزادات علنية في السعودية لبيع أملاك الملياردير
هل وصلت قضية معن الصانع إلى النهاية؟
-
عرض أكثر من 26 عقارا في مزادات علنية
-
طرح أراض سكنية وتجارية ومبان قائمة عبر 5 مزادات
قضية معن الصانع وشركة القصيبي والدائنين، عادت إلى الواجهة في الأيام الأخيرة، وذلك على إثر تداول تقرير نهائي عن انتهاء مزادات عقارات معن بن عبدالواحد الصانع في الشهر الماضي، وكان إجمالي قيمة المزايدات الأخيرة يتجاوز 574 مليون ريال سعودي، وذلك لتسديد مديونية رجل الأعمال معن الصانع “مجموعتي سعد وأحمد حمد القصيبي وإخوانه المتعثرتين”.
استمرار المزادات على الأملاك
وتستمر سلسلة المزادات لبيع أصول وأملاك رجل الأعمال معن الصانع وشركة “سعد للتجارة”، وقد تم طرح أكثر من 26 عقارًا متنوعًا، ما بين أراض سكنية وتجارية ومبان قائمة عبر خمسة مزادات كانت تعود ملكيتها لمعن الصانع وشركة سعد للتجارة والاستثمار والخدمات المالية، وتتوزع العقارات بمدن المملكة العربية السعودية في الخبر، والدمام، والرياض، وجدة، وينبع، وكانت المزادات قد تأجلت من العام 2018، نظرًا لمحاولات التسوية مع بعض المصارف الدائنة، حيث باءت هذه المحاولات بالفشل، وشهدت المزادات إقبالًا من راغبي الشراء من فئات متنوعة، مرجعًا ذلك إلى تميز العقارات وتنوعها واهتمام الكثير باقتنائها لتنوع الفرص الاستثمارية فيها.
عقارات ممتازة بيعت بأسعار أعلى من المتوسط
وفي تعليق على مستجدات عملية بيع عقارات معن الصانع قال رجل الأعمال محمد البوعينين إن طرح عقارات معن الصانع في المزاد العلني وبيعها بالكامل بقيمة تفوق 556 مليون ريال سعودي، بعد التوصّل إلى تسوية مع الدائنين، تعد خطوة في الطريق الصحيح وتبعث على التفاؤل لجميع الدائنين والمعنيين بالقضية منذ عام 2009، وأضاف أن كل الإجراءات تتم بشكل قانوني لمصلحة الدائنين وشركة القصيبي التي تتكبّل هذه الديون، وأشار إلى أن مبالغ رسو المزاد للعقارات تغطي جزءًا كبيرًا من المديونية، ولكن هناك بعض الشركات لم تقبل بالتسوية. مشيرًا إلى أن متوسط بيع العقارات أعلى من متوسط التقييم وأن أغلب العقارات تقع في مواقع مميزة وتنتظر التطوير، وسيكون لها مستقبل واعد.
مديونيات تصل إلى 60 مليار ريال سعودي
وتشير التقديرات إلى أن ديون مجموعة سعد التي يملكها معن الصانع تتراوح بما بين 40 إلى 60 مليار ريال سعودي، وفقًا لما أوردته رويترز في تقرير سابق.
وكانت السلطات السعودية أعلنت في العام 2018 عن بيع أصول معن الصانع وشركة سعد للتجارة والمقاولات والخدمات المالية.
مطالبات الدائنين
ووفق قائمة قديمة للمطالبات، تبيّن عدد دائني شركة القصيبي منها بنوك وشركات بمجموع مطالبات قدرها 44.625 مليار ريال سعودي شاملة المطالبات التي قبلت ورفضت.
وجاءت أكبر المطالبات للمؤسسة المصرفية العالمية بقيمة 11.402 مليار ريال رفض منها نحو 3 مليارات ريال، وحلّ ثانيًا شركة سعد للتجارة والمقاولات والخدمات المالية بقيمة 6.334 مليار ريال رفضت بشكل كامل، ثم معن عبدالواحد الصانع بقيمة 5.373 مليار ريال أيضًا رفضت بشكل كامل.
بالمركز الرابع جاءت شركة الراجحي المصرفية للاستثمار ويعتبر ثاني أكبر بنك سعودي بقيمة 1.539 مليار ريال، والخامس والسادس أيضًا بنكان سعوديان هما البنك السعودي للاستثمار بقيمة مطالبات قدرها 1.5 مليار ريال، والبنك الأهلي التجاري بقيمة 1.267 مليار ريال.
وحل بنك المشرق الإماراتي بالترتيب السابع بقيمة 1.267 مليار ريال. ثم بنك الخليج بقيمة 983.25 مليون ريال، تبعهما تاسعًا البنك السعودي البريطاني بقيمة 774.193 مليون ريال ثم البنك العربي الوطني بقيمة 667.249 مليون ريال عاشرًا.
وبيّنت القائمة مطالبات البنك الإسلامي الآسيوي المحدود ومقره سنغافورة بقيمة أكثر من 93 مليون ريال سعودي وتم قبول المطالبة، وبعدها واجه البنك خسائر كبيرة، ورفض المستثمرون البحرينيون والخليجيون رفع رأس المال، ولذلك استحوذ الشريك السنغافوري الذي هو بالأساس مؤسسة مصرفية على كل أسهم البنك، وتحمل بذلك كل الخسائر.
وقدّم البنك الإسلامي الآسيوي قرض إلى معن الصانع، ولم يعرف بعد إذا كان قد سدّد المبلغ لصالح البنك أم في إجراءات التسديد، ويرجّح أن التصفيات على أملاك وعقارات معن الصانع أن تسدّد جزءًا من هذه الديون.
والجدير بالذكر أن البنك الإسلامي الآسيوي يتألف مجلس إدارته من 9 أعضاء، برئاسة عبدالله حسن سيف وزير المالية البحريني السابق، وأبرز أعضاء مجلس الإدارة خالد عبدالله البسام، رئيس مجلس إدارة بنك البحرين الإسلامي ونائب محافظ مؤسسة نقد البحرين سابقًا خالد عبدالله الزامل، وحاولت البلاد التواصل مع مجلس الإدارة أو البنك لمعرفة إن كان البنك قد تحصّل على أمواله بعد عمليات بيع العقارات.
وطالب بنك البحرين الإسلامي في القضية نفسها بمبلغ تفوق قيمته 204 ملايين ريال سعودي، وفي العام 2011 أفاد الرئيس التنفيذي لبنك البحرين الإسلامي محمد إبراهيم محمد بأن غرفة البحرين لتسوية المنازعات الاقتصادية والمالية والاستثمارية قد أصدرت حكمًا قضائيًّا في الدعوى التي أقامها البنك ضد شركة أحمد حمد القصيبي وإخوانه والشركاء فيها، وقضى الحكم المذكور بثبوت صحة مطالبة بنك البحرين الإسلامي وإلزام الشركة والشركاء فيها بدفع كامل مبلغ المديونية المستحق على الشركة.
البنوك البحرينية
وذكر مصدر مطلع في القطاع البنكي البحريني، أن شركات القصيبي كانت تتعامل مع البنوك البحرينية بشكل كبير وكان لها معاملة خاصة كونها من الشركات العائلية المرموقه الكبيرة في المنطقة، مبينًا أنه تعامل بشكل مباشر مع معن الصانع وإجراء بعض المعاملات البنكية والحوالات وعمليات الاقتراض، وأن البنوك البحرينية كانت تتعاون مع الشركات بشكل سلس وسهل كونهم من الزبائن الكبار وتاريخهم يشهد لهم بذلك.
بنوك البحرين تستفيد من تسوية وبيع العقارات
وكذلك حسب معلومات حصلت عليها “البلاد” أن القطاع المصرفي البحريني سيستفيد من تسوية هذه الديون وعددهم 11 مصرفًا ومؤسسة مالية بينها فروع لبنوك أجنبية.
ومع هذه التسويات وبيع العقارات ستسدّد جزء من المديونيات على مجموعتي القصيبي وسعد، وبحسب المصادر فإن الديون التي تتعلق بالمجموعتين في تمويلات أو قروض منحت من بنوك ومؤسسات مصرفية، في حين أن قضية مجموعة سعد المرتبطة بقضية القصيبي، كان جزء منها يتعلق بسندات، ومن غير الواضح عدد المؤسسات المالية التي باعت ديونها لأطراف خارجية.
بداية الانهيار
وتعود أزمة معن الصانع إلى العام 2009 بعد التخلف عن سدادِ ديونٍ بمليارات الدولارات على خلفيةِ خلافٍ مع مجموعة القصيبي، وتفاعل هذا النزاع عندما تخلفت مجموعة القصيبي عن سداد ديون مشتركة مع مجموعة سعد بأكثر من 22 مليار دولار، لتتورط عائلة القصيبي منذ ذلك الحين في معركة طويلة، وسط مزاعم بالاحتيال من معن الصانع عليها.
إنهاء أحد أطول نزاعات الديون
وشهد عام 2021 إنهاء أحد أعقد وأطول نزاعات الديون بين عائلة “القصيبي” ودائنيها، عقب الموافقة على تسوية بقيمة 1.9 مليار دولار، وتقول سماح القصيبي التي تشغل منصب العضو التنفيذي في مجلس إدارة مجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه، إن العائلة تتطلع إلى استعادة حياتها بشكل طبيعي، والسيطرة من جديد على أعمال المجموعة العائلية، ولفتت القصيبي التي أدّت دورًا مهمًّا في تسوية الديون في تصريح سابق أن العائلة استقبلت نتيجة التصويت بالفرح والدموع: “لم نصدق، كنا مجتمعين عندما أعلنت المحكمة أن 95 % من الدائنين وافقوا على اتفاق التسوية”. وأضافت، تحتفي عائلة القصيبي بالتسوية التي أنهت كابوسًا استمرّ أعوامًا طويلة، ففي حين منعت القيود الشركة من ضخ استثمارات جديدة، أو جمع تمويلات لأكثر من عقد من الزمن، بات بإمكانها الآن إدارة أعمالها مرة أخرى والتركيز على التوسع.
بداية الخلاف
منذ ذلك الوقت، شبّ النزاع بين عائلة القصيبي ومعن الصانع، وهو صهر عبدالعزيز القصيبي ومالك مجموعة سعد وهو المتسبّب في انهيار الشركتين، بينما استمر الدائنون بملاحقة الاثنين قضائيًّا، وقد زعمت عائلة القصيبي في بداية الأزمة، أنها ليست الطرف الجاني بل ضحية جريمة احتيال قدرها 9 مليارات دولار، وبطلها الصانع نفسه، الذي حسب ادعاء المجموعة، سيطر على شركات التمويل في المجموعة كلها. في حين تحفّظت السلطات السعودية على الصانع لعدم سداد ديونه، أما معن الصانع فينكر الادعاءات الموجّهة إليه، وبينما ظل الصانع قيد الاحتجاز، أصبحت عائلة القصيبي من أوائل الشركات التي أنهت أزمتها تحت مظلة قانون الإفلاس الذي أعلنته المملكة عام 2018، حيث أقرّت المحكمة اتفاقية يحصل بموجبها الدائنون، وعددهم 139 بنكًا، على 1.9 مليارات دولار، بما يمثل نحو 26 % من مطالبات الديون البالغة 7.3 مليار دولار.
كذلك يتضمّن الاتفاق 1.25 مليار دولار على شكل سيولة، وأسهمًا يتم تسييلها لتوزّع فورًا، أما الجزء الباقي فهو أصول عقارية في المملكة العربية السعودية قيمتها نحو 667 مليون دولار، كما ستؤمّن المجموعة 1.4 مليار دولار، وسيدفع المالكون “عائلة القصيبي” نحو 533 مليون دولار، من ناحية أخرى، تمثل البنوك السعودية 25 % من الدائنين، بينما تنقسم النسبة الباقية بالتساوي بين البنوك العالمية والخليجي، وأن مبلغ التسوية 1.9 مليار دولار، جزء منه من المجموعة وآخر من العائلة، وبهذا تخلينا عن جزء كبير من الأصول، لكن كان لابد من وضع نهاية لذلك حتى نتمكن من البناء والاستمرار”. هكذا أوضحت سماح القصيبي التي التحقت بمجموعة العائلة عقب عامين من بدء القضية، وتحديدًا في عام 2011، كما كانت أول امرأة تنضم للشركة العائلية.
بداية القصة
وفي قصة تشبه الأفلام، رجل بسيط أحبته فتاة من عائلة ثرية جدًّا، فتزوجها وأفلس عائلتها بالكامل بعد ما بنى لنفسه إمبراطورية لا تصدق، وتقول تقارير إنه صاحب أكبر عملية احتيال في تاريخ الخليج، وتم القبض عليه في صباح شديد الحرارة من أكتوبر 2017، بعدما عثرت قوة من الشرطة السعودية على رجل الأعمال معن الصانع، مختبئًا في سكن للعمال هربًا من أحكام قضائية تلزمه بدفع مبالغ مالية ضخمة للدائنين.
الصانع كان شخصًا بسيطًا خرج من الكويت إلى السعودية في ظروف غير معلومة، واستقر في المنطقة الشرقية بالمملكة، وبدأ، لعبة المال والثروة، حين تزوّج من بنت القصيبي، كانت تلك نقطة انطلاق مخطط معن الصانع الاحتيالي، الذي دمّر عائلة زوجته، حصل على الفور على منصب مدير تشغيل قسم صغير من شركة القصيبي للصيرفة، والتي كانت مسؤولة عن التحويلات المالية للعاملين الأجانب في السعودية.
وحوّل منصبه إلى واجهة مكّنته من جمع ثروة هائلة، حيث وصفته التقارير بأنه كان خبيرًا في الحصول على القروض، فحصل على قروض من أكثر من 181 بنكًا حول العالم تخطت قيمتها الإجمالية 20 مليار دولار، وجميعها تحت اسم عائلة زوجته القصيبية، وتوسّع الصانع في الصيرفة من خلال مجموعته سعد لينجح في تأسيس إمبراطوريته الاستثمارية الخاصة والمتنوعة من العقارات الفاخرة في لندن، وعمل في مجال الطاقة في سيدني والتجارة وامتلك الطائرات، والعمارات، والقصور الباذخة، تم ذلك بالتدريج على مدى سنوات عديدة، وظهر اسمه في الموقع 62 على قائمة فوربس لأثرياء العالم لعام 2009 بالثروة قدرت قيمتها 7 مليارات دولار في عام 2002.
البنك الوهمي
كما أسّس معن الصانع بنكًا باسم عائلة القصيبي في المنامة، أطلق عليه المؤسسة المصرفية العالمية، وكانت المفاجأة المذهلة لعائلة القصيبي حين كشف محاموها أنها وقعت ضحية لأكبر عملية احتيال في تاريخ الخليج، كان منفذها صهرهم، معن الصانع الذي استغل الاسم والسمعة المالية لعائلة القصيبي، لجمع أموال من دون علم العائلة، لاستخدام وثائق مزوّرة، قدّرت قيمة الأموال المسروقة بأكثر من 9 مليارات دولار، الصدمة المدوية، فقد كشفها تحقيق سري قامت به مجموعة “أرست أنديونج” العالمية المتخصصة في الشؤون المالية، وقدمته لمصرف البحرين المركزي في يونيو 2009.
التحقيق، كشف أن بنك الصانع، المؤسسة المصرفية العالمية، هو بنك وهمي بالكامل وبحسب تقرير المدققين، فقد اعترف الموظفون الذين تم استجوابهم أنه لا وجود لعميل واحد للبنك، ولما حانت لحظة الحقيقة، تخلفت مجموعة سعد التي أسسها الصانع ومجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه، عن سداد ديون في 2009، في أكبر انهيار مالي تشهده، لتتحمل بنوك محلية ودولية ديونًا غير مسددة بنحو 22 مليار دولار، وفي النهاية الدرامية فقد انتهى به المطاف خلف القضبان، وانطلقت عملية بيع ممتلكاته في مزادات علنية، وفيما يخص البحرين قضت المحكمة بإلزام معن الصانع بأن يؤدي لبنك أوال مبلغًا يتجاوز ملياري دينار بحريني.
وفي نهاية المطاف هل وصلت قصة “معن الصانع” والدائنين إلى خواتيمها؟