العدد 5616
الخميس 29 فبراير 2024
banner
ثرثرة خلف ميكروفون الإذاعة
الخميس 29 فبراير 2024

لنتفق أولا حول ماهية الإذاعة، فإذا قلنا إن المسرحيات أعمال درامية ألفت بغرض تصويرها بالكاميرا، فإن كل ما يقدم للإذاعة يؤلف بغرض النطق به أمام الميكروفون، فكل وسيلة من الوسائل الفنية السابقة لها أداتها التي تتوسل بها للوصول إلى الجماهير، ولكي تحقق أي منها أقصى ما تستطيع من غايتها فإنها تستغل أقصى ما تستطيع استغلاله من إمكانية أداتها.
ولم ترتق السينما إلا لأنها أحاطت علما بإمكانية الكاميرا وتحركها وتغيرها واختلاف أبعادها، ولم يرتق المسرح إلا عندما استغل التكنولوجيا في ديكوراته وتحريكه والسينوغرافيا، واكتشف فسيولوجيا عين المتفرج، والتأثير على جهازه العصبي بالبصريات المرئية من إضاءة وألوان وإبداع علم التكوين. والإذاعة كالسينما والمسرح لن تستطيع أن ترتقي إلا إذا اكتشفت هي الأخرى إمكانيات الميكروفون، وتألفت لها خصيصا أعمال درامية تتميز بأنها ألفت للنطق بها أمام الميكروفون، وليستمع إليها مستمع يجلس إلى جهاز الراديو وعقله متنبه مستيقظ لما يؤدى مما يصل إلى سمعه ويطرق طبلة أذنه، لذلك صارت للمسرح كلاسيكيات، وللسينما كذلك وللإذاعة أيضا. 
لكن لوحظ في الفترة الأخيرة أن بعض الأعمال الدرامية التي تقدمها الإذاعات الخليجية، دون المستوى، ضعف في الحوارات والجاذبية وكيفية الاستخدام الفني الأمثل والصحيح للعناصر الثلاثة المعروفة في أي عمل إذاعي وهي، المؤثر الصوتي والكلمة والجملة الموسيقية، وكيفية توظيفها جميعا أكاديميا وعمليا لخلق الدراما الإذاعية الناجحة.
مسلسلات بدون قصة وحبكة درامية، بل مجرد ثرثرة خلف الميكروفون وتقضية الوقت وسد الفراغ أو كما يعرف بملء ساعات البث بأية مادة، المهم الدوران لأربع وعشرين ساعة، ومثل هذه الأعمال الضعيفة ستغص بها الإذاعات الخليجية في شهر رمضان وكأنها واجب مفروض على المستمع.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .