العدد 5610
الجمعة 23 فبراير 2024
banner
الميتامورفوسيس
الجمعة 23 فبراير 2024

الوحدة بين الشكل والموضوع مقياس التفوق في الخلق الفني، وهناك العديد من الكتاب الذين أحدثوا انقلابا في طريقة التعبير والاستعارة، كفرانز كافكا في روايته الخالدة “المسخ”، ويوجين يونيسكو في مسرحيته “الخرتيت”، وغيرها، وكل هذه الأعمال قدمت لنا شخصيات مختلفة بمعالمها النفسية وتكوينها الاجتماعي، وعند الحديث عن الاستعارة في الأدب كما يؤكد شيخ المترجمين العرب محمد عناني “لا يمكن أن نغفل صورة “الميتامورفوسيس” أو صورة تحول صورة الكائن الحي من نوع محدد إلى نوع آخر، وقد استعار القدماء هذه الصورة مما يحدث في الواقع وفي الطبيعة مثل تحول دودة القز مثلا إلى فراشة، أو مثل تحول بعض الحشرات في نموها إلى عدة أطوار من دودة إلى حورية إلى فراشة إلى بيضة إلى دودة أخرى وهكذا.. وقد لجأ اليونان إلى هذا جميعا لتصوير رؤاهم الأصيلة للحياة وعالم الكائنات الحية، فسمعنا عن “بروكني” التي تحولت إلى طائر، و”كادموس” الذي تحول إلى أفعى، ورأينا الشاعر الروماني “أوفيد” يضع كتاباً ضخما من اثني عشر ألف بيت من الشعر، يجمع فيه كل صور التحول التي يذكرها عن اليونان والرومان، ويصوغها وفق خياله الخصب، ويسمى الكتاب “الميتامورفوسيس”.
ولم يكن الخيال اليوناني والروماني الذي مارس تصوير هذا التحول عاطلا عن الدلالات الرمزية والنفسية له، فقد كان بهذا يلجأ إلى الاستعارة الشعرية وينتفع بها في صور صلبة مجسدة. كان يلجأ إلى تلك الخصائص التي يتسم بها كائن من الكائنات إلى درجة تحوله في نظره إلى كائن آخر فيجسم هذه الخصائص في الكائن الأول ويبالغ فيها حتى يتحول إلى كائن آخر.
حتى في الأدب الهندي القديم قرأنا الحوادث الخرافية وتحول البشر إلى مخلوقات أخرى، وروعة الاستعارة والقصص والقطع الشعرية والنثرية.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .