العدد 5601
الأربعاء 14 فبراير 2024
banner
الحديقة المائية.. "يا فرحة ما تمت"
الأربعاء 14 فبراير 2024

الأمثال الشعبية كثيرة ولا حصر لها، وتبين أن أجدادنا كان لديهم من الحكمة واللياقة في استخدام تلك الكلمات في مواضعها، بالرغم من بساطتهم لكنهم كانوا خير معلم، وصارت أمثالهم حتى يومنا هذا على ألسنتنا، لذلك سنتعرف على قصة مثل "يا فرحة ما تمت خدها الغراب وطار". فقد طال انتظار الجميع افتتاح الحديقة المائية، والتي بالفعل افتتحت في 15 يناير من العام المنصرم. هذه الحديقة العريقة والجميلة أنشئت عام 1948، وكانت ملاذا ومتنفسا لجميع المواطنين والوافدين، فقد اعتاد الناس آنذاك الذهاب إلى حديقة قصاري وعين عذاري والأندلس والحنينية والحديقة المائية، بالإضافة إلى الشواطئ الجميلة في عطلة نهاية الأسبوع في فترة الصيف، وإلى الصخير في فصل الشتاء.
هذه الحديقة كانت ضمن اهتماماتي وشغفي لزيارتها بعد الافتتاح الرسمي، وحيث إنني أزاول رياضة المشي في المجمعات التجارية صباحا، قررت أن أغير وجهتي إلى الحديقة، وذلك خلال شهر رمضان المنصرم، وقد فوجئت بإغلاق أبوابها في الصباح! وفي الحقيقة رأيت عددا لا بأس به من المواطنين والوافدين من العرب والأجانب جاءوا لزيارتها وتفاجأوا بإغلاقها! ومع كل احترامي للجهة المسؤولة عن هذا المرفق، أنا لا أرى أية علاقة بشهر رمضان مع قرار الإغلاق، فالحديقة تعتبر وجهة سياحية ومتنفسا للكثير من الزوار وليس هناك أي مبرر لهذا القرار. على العموم، شهر رمضان سيحل في شهر مارس القادم، والجو سيكون رائعا، فأتمنى من المسؤولين إعادة النظر في هذا القرار. في المقابل، شاءت الصدف أن أزورها بتاريخ 15 يناير الجاري، أي بعد عام من افتتاحها بالتمام والكمال، عموما بودي أن أقدم بعض الملاحظات التي أتمنى أن يتقبلها المسؤولون بصدر رحب.
بداية أتشرف بأن أرفع خالص الشكر وعظيم الامتنان للقيادة الرشيدة على توجيهاتها السديدة بإنشاء الكثير من المشاريع البيئية، مثل الحدائق والمضامير وغيرها، والمتمثلة في الخطوات المتسارعة للخطط الحكومية المخصصة لإنشاء الحدائق والمتنزهات، وللمحافظة على الثروة النباتية والمحميات الطبيعية تنفيذاً لاستراتيجيات الدولة لاستدامة تطوير وتنمية القطاع الزراعي، والمنطلقة من توجهات حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه.
وبحسب الخبر الرسمي الذي نشر في الصحف المحلية ان المشروع استغرق 4 سنوات، وبصراحة لم أتوقع أن مشروعا كهذا يستغرق هذا الوقت الطويل!
ملاحظتي الأولى عن مستوى النظافة العامة للحديقة، لم تكن ترتقي بالمستوى المطلوب! فدورات المياه على سبيل المثال وليس الحصر كان الوضع فيها كسابقه، لم تكن مقبولة! ومن باب المداعبة ذكرت لموظف الأمن أنني مستعد لدفع دينار واحد بدل 300 فلس مقابل الحصول على المستوى المطلوب لنظافة دورات المياه، وكأنني كنت على دراية مسبقا! نعم تم إنفاق الكثير من الأموال على تشييد هذه المنشآت الحيوية وغيرها، لكن ماذا عن الصيانة والخدمات اللوجستية اللازمة.
كتبت مقالا بتاريخ 28 أبريل 2021، مشيدا فيه بمبادرة مجلس أمانة العاصمة بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة نفط البحرين "بابكو"، والمتمثلة في قيامها بتولي أعمال الصيانة الدورية لحديقتي الأندلس والمائية.
واعتبرت هذه المبادرة ضربة معلم من قبل مجلس أمانة العاصمة، وكذلك شركة بابكو التي وفقت في هذه المبادرة البيئية، كونها تشكل جزءا أساسيا من مشاريع نوعية مستدامة تعود بالنفع والفائدة على المواطنين والمقيمين، كما أنها تأتي في إطار سياستها للمسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع البحريني، وما هي إلا نقطة في بحر مساهمات الشركة المستمرة في الكثير من البرامج والمشاريع التنموية للحكومة منذ تأسيسها عام 1929، ولست هنا بصدد إبراز إنجازات هذه الشركة ومواقفها النبيلة تجاه تطوير وتأهيل البحرينيين الذين يقلدون اليوم مناصب عليا في البلاد بسبب اهتمامها بتدريبهم في البحرين وخارجها، وشهادتنا فيها مجروحة كمواطنين، حيث إن بصماتها واضحة وبرامجها في المسؤولية الاجتماعية كثيرة جدًا لا أستطيع اختصارها هنا، إذ إن ذلك يحتاج إلى مجلد لا أعلم كم ستكون صفحاته، والأهم هنا دورها الأبرز في دعم الميزانية العامة للدولة بحكم طبيعة عملها في استكشاف وتكرير النفط ومنتجاته والغاز الطبيعي، والتي تعتبر رافدًا من روافد الاقتصاد الوطني، فلإدارة الشركة الحالية وجميع الإدارات السابقة كل الشكر والتقدير على جهودهم وعملهم الدؤوب للمحافظة على مكتسبات هذه الشركة العريقة محليًا وعالميًا.
أتمنى أن تكون مذكرة التفاهم هذه مفعلة إلى الآن، وذلك بهدف ضمان الحفاظ على هذه المشاريع الحيوية. 
فبالإضافة إلى انعدام الروح في الحديقة، كنت أتمنى أن أرى أكشاكا لبيع المشروبات والمأكولات، حيث إن تخصيص أكشاك صغيرة في الحديقة يعطي المؤسسات الصغيرة ورواد الأعمال وأصحاب المهن الصغيرة مساحة لدعم وترويج المنتجات المحلية مقابل رسوم رمزية تشجيعا لهم، فالكثير من المواطنين يتمنون حصولهم على هذه الفرص مقابل رسوم رمزية.
في ظل الأجواء الجميلة في هذه الفترة من المهم استغلال الحديقة وإقامة برامج ترفيهية متنوعة ودعوة فرق بحرينية في عطلة نهاية الأسبوع بهدف دعمهم وتشجيعهم، فهم لا يكلفون كثيرا، ويخلقون جوا مليئا بالإيجابية والسعادة. ومن ناحية أخرى تكون الحديقة محط اهتمام ومقصدا للجميع من مواطنين ووافدين وزوار المملكة، ويتم الترويج لها من خلال وسائل الإعلام المختلفة مثل الصحف والتلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.
شخصيا كتبت أكثر من مرة عن ضرورة استغلال هذه المرافق الجميلة في هذه الأجواء الرائعة لتكون بمثابة مواقع جذابة للجمهور المحلي والزوار على حد سواء، لكن لا حياة لمن تنادي.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .