العدد 5573
الأربعاء 17 يناير 2024
banner
ضحايا غزة والقنابل الغبية
الأربعاء 17 يناير 2024


انعقدت مقارنات كثيرة بين الحرب الإسرائيلية الشعواء الدائرة ضد قطاع غزة وبين حروب أخرى لتبين مدى فداحة الخسائر البشرية والمادية في غزة، وهو ما حاولت البي بي سي تفسيره في سياق موضوع نشرته على موقعها على الإنترنت مؤخرا عن أحدث الأسلحة الإسرائيلية ودور الذكاء الاصطناعي، ونقلت فيه عن الصحافي الاستقصائي الإسرائيلي يوفال أبراهام قوله إن المعايير التي كان يتبعها الجيش الإسرائيلي بشأن الضرر اللاحق بالمدنيين الفلسطينيين عند استهداف عناصر حماس خُفِّفت بشكل كبير، وهو ما أدى لمضاعفة عدد المدنيين المسموح بقتلهم في هذه العمليات إلى ما بين عشرة أضعاف لعشرين ضعفا عن الأعداد السابقة التي كان مسموحًا بها بسبب التخلي عن البروتوكولات التي قد تحد من عدد الضربات العسكرية، لتجنب قتل المدنيين، ولاسيما مع التركيز على كم وليس نوعية الأهداف.
كما أشارت البي بي سي إلى تقييم مكتب إدارة الاستخبارات الوطنية الأميركية في ديسمبر 2023 بأن ما بين 40 و45 بالمئة من جملة 29 ألف قنبلة جو-أرض أطلقتها إسرائيل على غزة كانت قنابل غير موجهة، أو ما يعرف بـ "القنابل الغبية والتي يمكن أن تخطئ الهدف بمسافة نحو ثلاثين مترا".
إضافة إلى هذه التفسيرات العسكرية، هناك أسباب أخرى لا يمكن تجاهل دورها عند الحديث عن التدمير الشامل الذي لحق قطاع غزة وأحدث شرخًا عميقًا في الحس الإنساني وصدمة في الوعي والإدراك العربي والإسلامي لمفاهيم ومصطلحات كحقوق الإنسان والقوانين والعدالة الدولية، ومن أهم هذه الأسباب الهزة الكبيرة متعددة الأبعاد الاستراتيجية والعسكرية والمجتمعية والنفسية التي أحدثتها عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي على إسرائيل، وما مثلته هذه العملية من فرصة مثالية لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو للهروب من أزماته الداخلية بالاستغراق في حرب غزة والمضي فيها بكل عنف ووحشية ولاسيما مع عدم تكافؤ هذه الحرب بين دولة تمتلك من الأسلحة أحدثها وأشدها فتكًا وحركة محدودة وشبه معزولة عن عالمها الخارجي وتعتمد على جهد وقدرات أعضائها، وشعب محاصر في نطاق جغرافي ضيق ومجتمع دولي عاجز عن وقف الحرب وردع العدوان.

كاتب مصري
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .