العدد 5550
الإثنين 25 ديسمبر 2023
banner
كيف نوظف خبراتهم؟
الإثنين 25 ديسمبر 2023

نعتقد أنه آن الأوان لتوظيف خبرات الآلاف من المتقاعدين، والذين تتراوح أعدادهم بين العشرين إلى الثلاثين ألف متقاعد. إنّ استثمار هذه الطاقات يحقق إيجابيات لا حد لها للمتقاعد أولا وللمؤسسات بالدرجة الثانية. لدى الكثير من المتقاعدين قناعة بأنّ بلوغهم سن التقاعد يمثل نهاية الحياة، بينما لدى شعوب أخرى هو بداية حياة جديدة وفرصة لإثبات الذات.
لا أتذكر أنّ دولة في عالمنا العربيّ انتهجت استثمار خبرات المتقاعدين، كما لا أتذكر أنه استعانت بأصحاب الكفاءات النادرة والمتميزة إلا في حالات نادرة جدا. والسؤال من يتكبد الخسارة إزاء هذه السياسة؟ بالطبع المؤسسات، أما ذوو الخبرة فإنّ فئة منهم تستقطبهم الشركات الأجنبية وتوظف خبراتهم النادرة، ولسنا ندعوا لإعادة التوظيف كما قد يذهب خيال البعض، لكن الاستعانة بهؤلاء في نطاق محدود لاكتساب مهاراتهم. ولا يجب أن يغيب عن البال أن لدى بعض المتقاعدين هواجس من حياة ما بعد التقاعد، ذلك أنهم ألفوا نمطا اعتياديا من الحياة لا يبتغون له تغييرا، والمستقبل بالنسبة لهم يحمل المخاوف، وربما هذا لكونهم لم يضعوا مخططا لما بعد الوظيفة وخشيتهم أن الحياة القادمة ستبعث فيهم الضجر. إنّ القيمة المفتقدة لديهم كما نتصورها أنّ مفهوم العمل ينتهي عندما تحين لحظة التقاعد، وهو مفهوم لبالغ الأسف ينطوي على خطأ كبير، غير أنّ الواقع أنّ العمل لا يتوقف عن حياة الإنسان حتى آخر لحظة من الحياة، كما في الحديث الشريف “إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليفعل”، من هنا فيمكن القول إنّ سيرورة العمل ليست متوقفة على سن محددة، والمفارقة أنّ أروع المنجزات والاكتشافات أتت بعد نهاية سنوات الخدمة أي في الستين وربما السبعين، والمثال الممكن أن نقدمه هو الفنان العالمي الذائع الصيت مايكل أنجلو الذي أبدع لوحاته الخالدة في سن الثمانين. ثمة إحصائيات تشير إلى أنّ أعداد المتقاعدين في دول الخليج ستبلغ بعد عقد ونصف ربع عدد السكان، والمعضلة أن أغلبيتهم الساحقة يقضون أوقاتهم في المجمعات الحديثة كملاذ لهم من شبح الفراغ القاتل، ولو أنهم أعدوا لهذه المرحلة من حياتهم لأمكنهم استثمارها بشكل صحيح ومجدي. ربما نستثني فئة وجدت في ممارسة النشاط الاجتماعي الخيار الأجدى لأنه يحقق لهم منافع لا حصر لها.
كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية