العدد 5540
الجمعة 15 ديسمبر 2023
banner
الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد
الجمعة 15 ديسمبر 2023

“ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين”، والاحتفال باليوم العالمي للفساد فيه تجسيد لهذه التعليمات السماوية من الله جلّ جلاله. والفساد من الآفات الكبيرة التي تضر بالإنسان وبكل المجتمع وأضراره لا حصر لها. وكل القوانين والإرشادات الوطنية في كل الدول تحرّم الفساد بكل أشكاله وألوانه ودرجاته. ولكن المسؤولية الأولى تقع على كاهل كل فرد في المجتمع، ولذا يجب أن يتكاتف الجميع ويقف صفًّا واحدًا في وجه الفساد وكل ما يرتبط به.
 ونظرًا لانعكاساته على جميع الدول أصدرت منظمة الأمم المتحدة “الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد” وهي من أهم الاتفاقيات الدولية. وتدخّل هيئة الأمم المتحدة في هذا الموضوع يعني مدى خطورته ليس على المستوى المحلي فقط؛ بل على المستوى الدولي. والفساد ينخر في كل الدول ويتحرّك ويتلوّن ويتغير حتى يصل لمبتغاه الأخير ويقع الشر ضد الخير.
 الفساد يضر بالأخلاق والمعاملات الإنسانية ويؤثر على نفسيات المجتمع، ويضر بالتجارة والأعمال حيث تتم هذه العمليات وفق أسس فاسدة بعيدة عن الممارسات التجارية السليمة التي يتطلع لها كل شخص، ويضر بكافة الخدمات حيث يتدخل الفساد لصالح الفئات الفاسدة على حساب الفئات الأخرى التي تتطلع للخدمات النظيفة الخالية من مؤثرات الفساد.
اتفاقية منظمة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، تطالب كل الدول الأعضاء بمحاربة الفساد بشتى ضروبه وأشكاله حتى يقع في مقتل ولا يحرك ساكنًا. ووفق أحكام الاتفاقية الدولية فإن مكافحة الفساد واجبة وضرورية وملزمة لجميع الدول. والاتفاقية الأممية، تطالب الدول بالتعاون التام والمتواصل في وجه كل جرائم الفساد ذات الطابع الدولي، وخاصة في ما يتعلق بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والسرقات عبر الحدود والعديد من الممارسات غير القانونية. 
 وتطالب الاتفاقية، بعدم الامتناع عن التعاون بسبب سرية المعلومات مثلًا، وهذا يعني الابتعاد عن وضع “خنادق” في وجه التعاون الدولي بل فتح كل الطرق والممرات لسير التعاون الدولي حتى يؤتي ثماره لأن الوقوف في وجه التعاون سيضر بكل العالم بما فيه الدول الممتنعة عن التعاون ويرتد السهم لنحرها.
وهناك بعض الحالات التي تمتنع فيها الدول من تسليم مواطنيها للمحاكمة في دول أجنبية، وبالطبع هذا فيه حماية لمواطنيها.

 وهنا لا بد من القول، إن اتفاقية الأمم المتحدة تنص على ضرورة تأكيد محاكمة مثل هؤلاء في دولهم وأن يتم اتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية في مواجهتهم وفق القانون وأسس العدالة السليمة. وأعتقد إن مثل هذا المطلب مقبول ويسعى لتحقيق العدالة في وجه الفساد، والمتهم بريء حتى إثبات العكس والإجرام بواسطة المحاكم القضائية النزيهة.
 إن جرائم وممارسات الفساد لا حصر لها، وكذلك من يقوم بهذه الجرائم والممارسات لا حصر لهم وهم في كل مكان وكل زمان ويتكاثرون بدون حصر ما لم نقف في وجههم بكل صلابة وشجاعة أيضًا. والفاسد قد يبدأ بفساد بسيط وبعد ذلك يشعر بالتلذذ مما فعله ويبدأ يمارس هذه الجريمة كـ”هواية” حتى يتقنها ويعرف مساراتها ودروبها وهكذا تتسع دائرة ومكانة الفساد ويجر من حوله. وكل هذا يتطلب وضع خطط جريئة ومتكاملة في وجه الفساد وكل من يمارسه أو يحاول ممارسته. إن الوقوف أمام الفساد واجب وطني ويبدأ مني ومنك ومن الجميع ولنتكاتف حفظًا لنا ولمجتمعنا، وكذلك انصياعًا للتعليمات السماوية “لا تفسدوا في الأرض”. والاحتفال الحقيقي بيوم محاربة الفساد يعني التطبيق الفعلي والعملي بمحاربته بكل ما أوتينا من قوة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية