لم يعلم الإسرائيليون بأن قصفهم الوحشي على قطاع غزة، سيقدم أكبر خدمة للشعب الفلسطيني المظلوم، وهو إحياء القضية مرة أخرى، وإعادة تعريف العالم بأن هنالك وطنا اسمه فلسطين، وبأن هنالك احتلالا، وقتلا، وسحلا، وسفك دماء للأطفال.
لم يعلموا بأن التسارع في بناء المستوطنات غير الشرعية، لمسح الحقيقة وتزييفها، لن يجدي نفعا، وبأن ازدواجية المعايير الدولية، وحقوق إنسان الغرب، ليست بنهاية المطاف، إلا ارتالا من الوهم، والغثاء، ورماد تذروه الرياح، وأن الحقيقة باقية، وستظهر للعلن، مهما ارتوت أرض فلسطين العربية، بالدماء، وأشلاء الشهداء.
هذا الواقع الأليم، والذي فضح بيت الأمم، ودول “الفيتو” و “الفيتمو” يقودنا مباشرة إلى ذاكرة فلسطين الجريحة، الى مذابح صبرا وشاتيلا، ودير ياسين، حيث استشهد جرّاءها كثير من أبناء فلسطين المظلومين، ممن قضوا حياتهم القصيرة في شرف الدفاع عن الأرض، والعرض، والحق في البقاء.
فلسطين باقية بدم كل مواطن عربي، وكل مسلم، مهما طال الزمن أو قصر، وهي القضية العالمية الشاهدة على زيف الدول الكبرى، وكذب حضاراتها، التي تسترخص الدم العربي، وتراه في أسفل السافلين.
وتقول ذاكرة فلسطين اليومية وببساطة، إنه لو كانت طائرات العدو، ومدافعهم، وصواريخهم، تنفعهم، لكانت إرادة الشعب الفلسطيني قد مسحت منذ زمن بعيد، لكنه شعب الجبارين، الذي يرفض الخنوع، والانكسار، والتهجير، والأيام دول، والنصر قادم بإذنه تعالى.