العدد 5498
الجمعة 03 نوفمبر 2023
banner
د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
والدليل غزة (2)
الجمعة 03 نوفمبر 2023

كانت بعض الفضائيات العربية الإخبارية على مدى سنوات تقوم بشن حملات ممنهجة ضد كل تطبيع سياسي وعسكري وثقافي وفني، وكل أشكال التطبيع مع إسرائيل، وحينما بدأت إسرائيل حربها ضد غزة، رأينا أن الفضائيات الإخبارية العربية الكبرى قامت بالتطبيع الإعلامي مع إسرائيل بحجة الحرية الإعلامية ونقل الأحداث. وقياما بواجبنا العربي، قمنا في منتدى الأمن الإعلامي العربي أرامس، وهو من مؤسسات مجلس العلاقات العربية الدولية كارنتر، وبتطوع من خبراء وأكاديميين عرب متخصصين بالإعلام والصحافة العربية بمتابعة ورصد مدى تطبيع هذه الفضائيات إعلاميا مع إسرائيل وماهية هذا التطبيع، وكانت النتائج كالتالي:
كان التطبيع الإعلامي من خلال أولا: حصولها على تراخيص إعلامية إسرائيلية والالتزام بما تقرره من بنود وقوانين تتمثل في الالتزام بأمن إسرائيل وعدم القيام بالتحريض ضد شعب إسرائيل. ولا بأس ببث مشاهد الدمار والقصف لأن القنوات الإسرائيلية نفسها تبث ذلك. أما البند الثاني من التطبيع فهو: "المحللون والمسؤولون الإسرائيليون المتشددون"، حيث أفردت لهم مساحة كافية لكيل الاتهامات والشتائم والتهديدات ضد الفلسطينيين. هذا في الوقت الذي تقوم به حكومة نتنياهو بممارسة هولوكوست ضد المدنيين الأبرياء وثقته الكاميرا بالصوت والصورة وتناقلته كل وسائل الإعلام الدولية، مقابل تصدي الإعلام الإسرائيلي وقنواته لكل صوت فلسطيني أو عربي يريد قول الحقيقة. وهذا يتناقض مع الانتقادات المتكررة التي مارستها هذه الفضائيات في برامجها وتقاريرها لسنوات طويلة ضد عمليات التطبيع وكل من يدعو للتطبيع بكل أشكاله، حيث مارسته إعلاميا بنفسها مع إسرائيل.
الخلاصة أنه وفي ظل عدم وجود سلام بين العرب وإسرائيل بالوقت الحالي فإن على هذه الفضائيات التوقف عن التطبيع الإعلامي، وأن تكون لها هوية إعلامية عربية تدافع فيها عن الوحدة والمقومات العربية كما تفعل القنوات الغربية والإسرائيلية المدافعة عن هويتها وثقافتها والمصالح العليا لدولها، وعليها أيضا ألا تضحك على نفسها بانتهاج ما يسمى بالحيادية والمصداقية، لأنه لا وجود أصلا لمثل هذه الشعارات بوسائل الإعلام، خصوصا وقت الحروب والأزمات. ومتى ما وقعت إسرائيل سلام مع العرب فلكل حادث حديث.

كاتب سعودي متخصص في الإعلام السياسي

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .