العدد 5491
الجمعة 27 أكتوبر 2023
banner
المؤتمر السنوي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة
الجمعة 27 أكتوبر 2023

خلال الأسبوع الماضي انعقد المؤتمر السنوي لجمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وسط حشد كبير من الجهات الرسمية والسفراء وأتى أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من كل بقاع البحرين ومن دول أخرى نقلت تجاربها الثرة ونهلت من التجربة البحرينية.
وكانت فرصة طيبة لإلقاء الضوء على دور هذه الجمعية التي ظلت تعمل بإخلاص طيلة فترة 25 سنة متواصلة، وكذلك تم تقديم محاضرات وأوراق عمل من أجل التنوير بمهام وأهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وما تقوم به لتحقيق النمو الاقتصادي المحلي وفتح المجال للشباب للانخراط في العمل المفيد وفق تخصصاتهم وابتكاراتهم العقلية.
محور المؤتمر كان عن دمج دور الشركات الكبيرة مع دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لدفع الاقتصاد الوطني، ومن دون شك فإن الاقتصاد يحتاج لدور الكبار والصغار "والصغير جميل"، ومعا يعمل الجميع لتحقيق الطفرة الاقتصادية والتنمية المستدامة. مع أهمية دور التقنية في تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ولا ننسي أن أكبر شركات التقنية الحالية بدأت كمؤسسات صغيرة من داخل غرف صغيرة وجراجات السيارات حيث انطلق مؤسسو أبل وجوجل وفيسبوك وانستغرام وما شابه، ومن أعمالهم تغير العالم إلى الأفق اللا محدود.
ولتقوم المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بدورها المنشود، لا بد من تمكينها وتهيئتها لذلك الدور. وأثناء المؤتمر تطرق بعض من أصحاب هذه المؤسسات لشرح ما يقومون به والنتائج التي يحققونها وما يتطلعون له. والتجارب عديدة والنجاحات كانت ظاهرة بفضل الأفكار النيرة التي أنشأت هذه المؤسسات وتقف خلفها وتشد من أزرها. ومن المناقشات المستمرة تم بلورة عصارة الأفكار لهضمها والاستفادة منها ، وظهر هذا جليا في التوصيات العديدة والهامة التي تبناها المؤتمر لدعم المسيرة.
في الجلسة الحوارية الأخيرة، تطرقت لدور وأهمية القانون في دعم هذه المؤسسات والأخذ بيدها حتى تعبر لبر الأمان داخل سياج قانوني سليم يوفر الأرضية القانونية المطلوبة لهذه المؤسسات ذات الطبيعة الخاصة. وبالطبع، لكل نشاط تجاري مهما كان نوعه، نجد معضلات أو صعوبات تعترض خط السير. وهنا نقول، إن هذا ينطبق أيضا على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وهذه الصعوبات قد تكون مشتركة عامة أو خاصة بكل مؤسسة على حده.
من الصعوبات التي تجابهها هذه المؤسسات، مثلا، عدم وجود التعريف القانوني الواضح لماهية المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة. وهذه قد تكون مشكلة قانونية لأن التعريف هام لتحديد المسؤولية القانونية وما يرتبط بها. وأيضا عدم التعريف قد يقود لعدم معرفة أو تحديد الأهداف بالرغم من أهميتها للعمل المؤسسي. وكما هو معلوم، فإن معظم هذه المؤسسات تعاني من عدم توفر الخبرات وعدم وجود الأموال وكذلك الضمانات المطلوبة لاستلاف الأموال.
جميع هذه النقاط، تحتاج لعدة حلول من ضمنها الحلول القانونية التي تمكن المؤسسات من السير في غطاء قانوي سليم ورصين. وأشرنا في الجلسة لأهمية قيام صندوق لضمان تمويل هذه المؤسسات والتدخل في حالة فشلها في سداد ديونها. وبالطبع وجود هذا الصندوق سيفتح شهية البنوك وشركات التمويل في التنافس لتقديم القروض والتسهيلات بدون خوف أو وجل لأن هناك الضامن القوي الأمين.
وأشرنا لأهمية تأسيس هيئة قومية، من الجهات الرسمية والأهلية ومنظمات المجتمع، لرعاية هذه المؤسسات في كل مراحلها وكل أطوارها. وهذه الرعاية قد تشمل الترخيص والتوجيه والتدريب المكثف وكذلك الرقابة الإشرافية التي تمكن المؤسسات من حسن العمل وتجويده لصالح جميع الأطراف.
وفي نهاية المطاف، طالبنا بأهمية وجود قانون خاص يعنى بتقنين كل ما يتعلق بهذه المؤسسات الهامة. وبالطبع يجب أن يشمل القانون الأحكام القانونية التي تنظم كل المعضلات أو الهنات القانونية الخاصة بهذه المؤسسات. وقطعا، فإن وجود الأحكام القانونية سيلزم الجميع للعمل وفقها وتطبيقها من الجميع بدرجة واحدة، ومن هنا سيتوفر الدعم القانوني للأخذ بيد هذه الشريحة الهامة الداعمة للاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة.
إن وضع القانون، ليس نهاية المطاف بل نعتبره الممهد إلى الطريق الأمثل لسير هذه المؤسسات في الاتجاه السليم والعمل الناجح. ومن دوم شك، فإن هذه المؤسسات الفتية تحتاج للوقوف بجانبها بكل صلابة حتى يقوى عودها وتقف على أرجلها وتنطلق نحو الثريا.. وهذا ممكن إذا توفرت الإرادة القوية والعزيمة الصادقة. وبالطبع، قيام المؤتمر دلالة على تلك الإرادة والعزيمة وللأمام سر.
مستشار وخبير قانوني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .