دخلت السكرتيرة لتخبر مديرها بأن رئيس أحد الأقسام يود السلام عليه ولن يأخذ من وقته الكثير. تبسّم المدير قائلًا موجّهًا حديثه لي: أرجو أن تلزم الصمت وأنا أتظاهر بالحديث في الهاتف عند دخول هذا الشخص المكتب. سأخبرك لاحقًا لماذا هذه المسرحية؟! وفعلًا أمسك المدير بالهاتف فور دخول ذلك الشخص مكتبه وبدأ حديثه المصطنع:
أعجبني العرض، فالراتب جيد والامتيازات مشجّعة وسمعة المؤسسة جاذبة، فقط أحتاج لبعض الوقت لأصل إلى قرار مناسب في هذا الشأن وسأبلغكم بهذا القرار قريبًا جدًّا!
ضحكت كثيرًا وأنا في غاية الدهشة من التصرف الغريب لزميلي المدير الأمر الذي جعله يشاركني الضحك ثم قال: أتدري لماذا قمت بتلك المسرحية أمام ذلك الشخص؟ هذا الشخص معروف بنقل كل ما يدور في المؤسسة إلى الإدارة التنفيذية حتى أصبح يطلق عليه بأنه موصّل جيد للحرارة. أي أنه ناقل جيد للأخبار وصانع محترف للإشاعات. ما عليك إلا أن تفعل ما فعلته أنا قبل قليل وسترى النتيجة حالًا.
في الاجتماع الأسبوعي، قال الرئيس التنفيذي وبشيء من السخرية: يبدو أن البعض لا يعجبه العمل في هذه المؤسسة وأن لديه عروضًا من مؤسسات أخرى. أقول لهؤلاء إن مؤسستنا تسير وتتقدّم بكم وبدونكم. نحن على استعداد لقبول استقالة أي مسؤول وفورًا. تابع الرئيس التنفيذي: أتمنى أن يمتلك هذا البعض الشجاعة ويخاطبنا مباشرة وسيجد ردّنا جاهزًا.
أثناء خروجه من قاعة الاجتماعات أسر المدير مخاطبًا الرئيس التنفيذي قائلًا وبابتسامة هو يعرف معناها: كنت فقط أريد التأكد من أن صاحبنا ’’الموصّل الجيد للحرارة”، لا يزال نشطًا وقد ثبت ذلك مع الأسف الشديد.