العدد 5463
الجمعة 29 سبتمبر 2023
banner
أعرف عميلك؟
الجمعة 29 سبتمبر 2023


سياسة "أعرف عميلك" في البنوك أدت إلي نجاح الغرض المقصود حيث تم اكتشاف جرائم غسل الأموال أو الشروع في ارتكاب هذه الجريمة. الوضع الآن تطور إلى شمولية أكبر لتوسيع نطاق محاربة غسل الأموال عبر البنوك و المؤسسات المالية. وأصبحت التعليمات الحالية الآمرة ليست فقط "أعرف عميلك – كي واي سي؟" بل أن التعليمات للبنوك وغيرها أصبحت متسعة لتشمل أعرف عميل عميلك؟ وأعرف كل الجهات التي تعمل مع عميلك؟ وأعرف الجهات المرتبطة مع عميلك؟ وأعرف مصادر أموال هذه الجهات. وفي كل يوم تتسع الدائرة من أجل تضييق الخناق على مصادر غسل الأموال ومنع المنافذ وقفل الأبواب "بالشمع الأحمر" أمام من تسول له نفسه الأهداف الإجرامية.
جريمة غسل الأموال تؤثر سلبا على الاقتصاد والوضع الأمني في كل الدول لأن انتشارها يقود إلى تسهيل الإجرام وسريانه وسط المجتمع، وإذا صار جمع الأموال من الأفعال الإجرامية أمرا سهلا فان العديد من الأشخاص، خاصة أصحاب النفوس الضعيفة، سيلجأون إلي ارتكاب جرائم خطيرة مثل الرشوة والسرقة والتزييف وبيع المخدرات والدعارة والرق الأبيض وغيره ثم غسلها والاستفادة منها. بل سيلجأون إلى ارتكاب جرائم أكثر بشاعة وخطورة مثل تمويل الإرهاب لزعزعة الاستقرار العالمي.
ولهذا، لا بد من تكاتف الجهود الداخلية والخارجية للتصدي لهذه الجريمة لأنها سريعة الانتشار وتستطيع العبور بين الدول دون تأشيرة مرور ودون أن يحس بها أحد. لذا لا بد من مكافحتها بكل الوسائل وقفل المنافذ وتجفيفها تماما في البنوك وكل القطاعات الأخرى. ومن هنا تنبع أهمية دور القطاع المصرفي الذي يعتبر من خطوط الدفاع الأولى في الحرب في مواجهة العمليات الإجرامية ومن يقف خلفها من عصابات المافيا وعصابات المخدرات وتجارة الأسلحة واللحوم البشرية وتمويل الإرهاب الدولي الذي ينهش العالم.
ومن الملاحظ أن عصابات غسل الأموال أصبحت تلجأ إلى بدائل جديدة لغسل قذارتها واستحدث المجرمون عدة منافذ خارج القطاع المصرفي لغسل الأموال القذرة من العمليات الإجرامية.
إن اللجوء إلى "البدائل المستحدثة" لغسل الأموال لم يكن يتم إلا بعد أن شعر المجرمون أن اختراق البنوك والمؤسسات المالية أصبح أمرا صعبا، إن لم نقل أصبح مستحيلا. وهذا دليل قوي يؤكد نجاح الخطوات الاحترازية التي تتبعها البنوك والمؤسسات المالية، وهذه الخطوات لها أثر إيجابي في التصدي للجريمة.
وللعلم، فإن من أهم هذه الإجراءات التي تطبقها البنوك هي تعليمات "أعرف عميلك؟" وما تبعها من الأوامر التنفيذية التي تصب في نفس السياق لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ولتوضيح البدائل التي سعى و يسعى لها المجرمون لغسل الأموال، نقول إنها بدائل عديدة ونذكر منها، على سبيل المثال، شراء وبيع العقارات والأراضي الاستثمارية وشراء وبيع الذهب والمجوهرات الغالية والمعادن النفيسة واللوحات الفنية والرسومات العالمية وشراء وبيع الأسهم والسندات وشراء الأناتيك الغالية وشراء وبيع الحصص في الشركات والاستثمارات المالية وشراء وبيع البضائع وغيرها.
ومن الطرائف التي وردت في عدة تقارير فنية عن نشاطات غسل الأموال والعاملين فيها، أن هذه التقارير ذكرت إن من يمارسون غسل الأموال أصبحوا يتمتعون بخبرات تفوق خبرات المتخصصين والخبراء والاستشاريين الفنيين في كافة مجالات وخاصة ما يتعلق ببيع وشراء الأسهم والسندات وأموال صناديق الاستثمار لأنهم يتعاملون فيها يوميا. وكذلك أصبح لهم باع طويل في بيع وشراء العقارات والأراضي الاستثمارية وتثمين وشراء وبيع الذهب والمجوهرات والفضة والمعادن النفيسة والرسومات واللوحات الفنية والأناتيك وكل ما يباع في المزادات العالمية وغيرها. والممارسة تأتي بالخبرة.
وهكذا الإجرام يبدل جلده ولونه وثوبه كلما طرأ طارئ وكلما حدث حدث. ومما تقدم يتضح جليا أن المجرم المتخصص في غسل الأموال أصبح يعمل بعيدا عن البنوك وأصبح هذا المجرم يبحث عن المنافذ الأخرى التي يستطيع من خلالها غسل الأموال. ولذا على الجهات الرسمية وغير الرسمية التي تتبع لها هذه المنافذ، تكثيف الجهود وتضييق الخناق حتى يتم قفل كل الأبواب أمام غسل الأموال. وعلينا الحذر، ونعلم أن المعركة بين الخير والشر مستمرة ولكن لنجعل يد الخير هي الأقوى والأعلى.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .