دائمًا وأبدًا نتحدث عن مملكة البحرين، كمركز إقليمي اقتصادي ربما لكل شيء في المنطقة، ولعل ما يدفعنا إلى الحديث عن هذا المركز هو التاريخ البعيد، وهي الأسبقية كمركز لتجارة الترانزيت منذ عشرات السنين، وكمركز مالي ومصرفي عالمي منذ سبعينات القرن الماضي، ثم كأول حاضنة لغرفة تجارة وصناعة في المنطقة، وكذلك للتعليم النظامي وأول مصرف منذ ما يزيد عن مئة سنة قبل الآن.
وجاهة التصور تتعمق جذورها في وجدان كل بحريني، وتتأصل صفاتها منذ عصر اللؤلؤ، واكتشاف النفط في ثلاثينات القرن الماضي، ومن ثم الدخول إلى عصر الاقتصادات المتحولة، وتلك القائمة على الانفتاح والتنويع والمعارف والخبرات المتراكمة.
واليوم، ونحن نلمح من قريب معرض صحيفة البلاد للجامعات، فإننا نستحضر من الذاكرة ذلك الزخم الكبير الذي يضع جامعاتنا في مصاف الجامعات العالمية المرموقة، ونخرج من التجربة ونحن فخورون بأننا نمتلك جامعات تضاهي تلك التي سبقتنا خاصة في مضامير جودة التعليم والتصنيفات المتقدمة لأعرق مؤسسات التصنيف العالمية مثل “كيو إس” و “التايمز” وغيرهما.
ونحمد الله أننا نمتلك من البنية التحتية ما يؤهلنا لكي نكون مركزًا متقدمًا في صناعة المعارض، وأن نصبح أحد المرتكزات الإقليمية للمعارض الجامعية؛ كونها تساهم في التسويق لبرامج جامعاتنا، والتعريف بهذه البرامج، والعمل على جذب الطلاب من مختلف بلدان العالم، هو بالتحديد ما يؤدي إلى تحويل المعارض إلى صناعة والجامعات إلى مراكز إشعاع وتنوير حضاري، وبرامجها إلى ملتقى لكل شعوب المنطقة، بل لكل شعوب العالم أيضًا.
إن جامعاتنا وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها، ورغم الرياح المعاكسة التي جاءت أحيانًا بما لا نشتهي، إلا أنها تمكنت من أن تكون بمثابة الملتقى الحيوي لاستثمارات القطاع الخاص، والمركز الجاذب لأموال رجال المال والأعمال، الأمر الذي أدى إلى تأسيس أكثر من 15 جامعة خاصة تتقدمهم زمنيًا الجامعة الأهلية كأول جامعة خاصة في مملكة البحرين، والتي أصبحت بمثابة باكورة ثمار المشروع الإصلاحي الكبير لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم والتي تأسست في العام 2001.
وها هي الصحف وقد بدأت في الدخول إلى صناعة تبادلية معرفية جديدة ترتبط بتنظيم المعارض الافتراضية للجامعات وذلك قبل أسابيع قلائل من انطلاق العام الدراسي 2023-2024، الأمر الذي يؤكد ويرسخ الوعي الجمعي للوطن بأهمية الجامعات في بلادنا، والدور الذي تلعبه في توفير خيارات متعددة، وبرامج متواكبة مع احتياجات سوق العمل، بل ومع متطلبات ثورة التحديث التكنولوجية الهائلة.
إننا في الجامعة الأهلية نثمن دائمًا أية جهود ترمي إلى تكثيف تنظيم المعارض الجامعية؛ ذلك لأنها توفر فرصة ذهبية لالتقاء الأساتذة والعلماء والمفكرين من كل حد وكل صوب، تمامًا مثلما توفر مناخًا جاذبًا لتبادل المعارف والتبادل الطلابي بين جامعاتنا والجامعات الأخرى في المنطقة والعالم.
ولعل في حرص صحيفة البلاد على تنظيم مثل هذه المعارض ما يوفر فرصة إضافية لعرض أفكار جديدة، وبرامج مستحدثة، ومناهج متواكبة، وآليات وتقنيات لم تخطر على بال، وكل عام وجامعاتنا بألف خير.