يقول د. غازي القصيبي (رحمه الله): “ما أكثر الذين يعتقدون أنهم يعرفون كل شيء، يحكمون على كل إنسان، ويبتون في كل قضية ويفتون في كل معضلة”، انتهى. لا أدري سيدي القارئ لم أصبحت هذه المقولة تتراءى أمامي، بل أكاد أقول إنها بدأت تسيطر على مساحة كبيرة من تفكيري وخاصة عند وجودي في اجتماع يرأسه من يمتلك السلطة الإدارية ويحضره من لا يمتلكها أو يمتلك شيء منها. 
في أحد هذه الاجتماعات، بدأ الرئيس التنفيذي بالتحدث عن فيلم شاهده وأعجبه كثيرا، وخاصة بطل الفيلم الذي استطاع أن يجسد دوره بإتقان لافت. تابع الرئيس: أبدع جابر في تجسيد دور الموظف المهمل الكسول غير المنضبط، ضعيف الأداء وكثير التذمر. وبينما كان الرئيس مندمجًا في التحدث عن بطل الفيلم جابر، دخل أحدهم قاعة الاجتماع وبعد تقديم الأعذار لتأخره قال:
يبدو أن موضوع الموظف جابر، والذي يعمل في إدارة الدراسات والبحوث، كان محور النقاش في هذا الاجتماع. أود سيدي الرئيس أن أبين لكم وللزملاء بأني أتابع أداء هذا الموظف. يبدو أننا لم نوفق في اختيار الشخص المناسب، فهذا الموظف يفتقد إلى الكثير من المهارات المطلوبة للوظيفة، كما سمعت وأسمع من بعض العاملين في إدارته. أتفق معك سيدي الرئيس في وصفك له بالمهمل والكسول والأداء الضعيف. 
تبادل الحضور نظرات الاستغراب وابتسامات السخرية وتدخل الرئيس ضاحكًا: كنت أتحدث عن بطل فيلم اسمه جابر لا علاقة له بالموظف الذي تتحدث عنه سوى تشابه في الأسماء. ثم كيف تسمح لنفسك بتشويه سمعة زميل لنا لا تعرفه يؤدي مهامه بتميز؟ أريدك في مكتبي بعد الاجتماع مباشرة... ما رأيك سيدي القارئ؟ كيف سيكون الوضع داخل مكتب الرئيس؟