العدد 5400
الجمعة 28 يوليو 2023
banner
ترجمة درجة عاشرة
الجمعة 28 يوليو 2023

هناك ترجمات للكتب يمكن تصنيفها على الدرجة الأولى، والدرجة الثانية، أو حتى العاشرة، بعضها موفق ناجح وبعضها فاشل لا يستحق القراءة وبذل أي جهد، لأن هناك مشوارا طويلا لكي يصبح المرء مترجما حقيقيا ومفكرا بدوره، وما أكثر الترجمات الرديئة في ساحة الإنتاج الفكري التي تبعث على الغثيان، المليئة بالمغالطات والأخطاء الشنيعة.
فالمترجم كما قرأنا وشرح لنا الدارسون والمختصون، ينبغي قبل كل شيء أن يكون ملما ويتقن اللغتين اللتين يترجم منها وإليها، فإن معرفة المترجم عن كثب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وعادات وتقاليد وجغرافية بلدان هاتين اللغتين، من الأهمية بمكان. إن المترجم غالبا ما يصطدم أثناء عمله بتعابير تعكس مثلا تقليدا ما أو عيدا أو حتى نوعا من الطعام ليس موجودا عند الشعب الذي يترجم إلى لغته، فهل ينقل التعبير حرفيا مع شرح حاشيته، أم يلجأ إلى أقرب رديف إليه.
كما أن نوعية النص المترجم تتمايز من نص لآخر، فالنص الأدبي، السياسي الاجتماعي، غالبا ما يتضمن خصائص فنية متلازمة وأسلوب الكاتب الخاص به، هنا ليس مطلوبا من المترجم أن يتحرك على قاعدة.. كيف قيل النص، بل.. ماذا قيل، مع التنبيه إلى أن الترجمة الدقيقة لوثيقة حكومية أو دولية مثلا تعادل من حيث عدم كفاءتها المترجمة الحرفية لقصيدة ما، أما مع النص الأدبي العلمي الوثائقي والتقني، فالضرورة تحتم أن تصل إلى القارئ ترجمة بكل أبعادها مع النص العلمي لا تلتقي بتعابير كما في قصة أو قصيدة، ولا بأفكار كما في مقالة، بل تلتقي بمعلومات تطبيقية، نظرية وثائقية منطقية وعلمية يفترض أن تترجم إلى أقصى حد كما هي في نصها الأصلي، وهنا لا يعود الكلام إلى أسلوب المؤلف بل أسلوب الأدب الكيميائي أو الطبي للغة المترجم إليها.
الترجمة يفترض أن ترتقي إلى مستوى الكتابة الإبداعية ذاتها، وما عدا ذلك تكون ثرثرة لا معنى لها.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .