لم تكن مجرد تصريحات، لم تكن مجرد تلميحات، ولم تكن مجرد أطروحات، لكنها حقيقة مثلث متساوي الأضلاع، ملامح مرحلة حادّة الطباع، حاجات وطن مرتبط بشعبه وشعب مرتبط بوطنه. نعم هي أشياء لا تُشترى لكنها موجودة في الروح والضمير، وساكنة في القلب والشعور، وواقفة على الحدود ما بين الإنجاز والاعتزاز، ما بين التناغم الحتمي بين ثروة الوطن التي لا تنضب ولا تقدر بثمن وهي الإنسان، والثروات الزائلة التي تهبط علينا من السماء أو تخرج إلينا من باطن الأرض. 
من هنا وأنا أقرأ في كلمات سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأخيرة وجدت أن في إشاراته بتقرير التنمية المستدامة ما يوحي بأن العمل الإنساني بدا جماعياً، وأن الإنسان منذ بدء الخليقة وهو يعيش في جماعات، وهو يتاجر مع أمم وقوميات، ويتعاون مع عشائر وقبائل ودويلات، كلمات سموه جاءت في وقت ننتهي فيه من عام دراسي لنستقبل عاماً دراسياً آخر، وجعلتنا كأكاديميين نستشعر المسؤولية ونبادر بالاستعداد المبكر في سبر أغوار أسواق أكاديمية جديدة، وفي التفكير خارج صناديقنا التقليدية القديمة. 
بناء الإنسان مسؤولية وطنية، وإعادة بنائه معرفياً مهارة وعبقرية، من هنا أدركنا في الجامعة الأهلية مبكراً أن التعامل مع الطالب من خلال عقلنة المناهج التي يدرسها، وحوكمة الأطر التي يتعامل من خلالها، ومكننة الآليات التي يستخدمها من أجل تحقيق ذاته واستيعاب علومه، وتطبيق ما يأتي تحت يديه من نظريات، وتحويلها إلى مهارات، هذا في حد ذاته جعلنا ندخل إلى الحداثة من أوسع أبوابها، فاستحدثنا البرامج التي تترافق مع طموح الطالب، ولبَّينا نداء العلم بربطه مع خدمة المجتمع ومع أسواق العمل واحتياجاتها المتعاظمة، دشّنا البرامج وحصلنا على الاعتمادية والاعترافات الدولية والإقليمية بها، ذهبنا إلى نهاية العالم حتى نتأكد من أن ما ننجزه محلياً محل تقدير مؤسسات التصنيف الأكاديمية العالمية، وحتى نحصد التزكية تلو الأخرى، في الجودة، في الوفاء بأهداف التنمية المستدامة، وفي التنظيم المؤسسي والبناء الهرمي للبحوث المحكمة من “سكوبس” وغيرها. 
أقمنا المعارض ونظمنا وشاركنا في المؤتمرات والندوات، ولم تمر مناسبة وطنية أو علمية محلية أو عالمية إلا وكان لنا تواجد وتأثير، هذه هي الجامعة بمفهومها الواسع الممتد، وتلك هي مضخات رفع مناسيب العمل الأكاديمي عندما يرتبط بروح المرحلة ليدفع بها وبالوطن وبثروته البشرية دائماً إلى الأمام، دائماً إلى الأمام.