العدد 5366
السبت 24 يونيو 2023
banner
جريمة لا تغتفر
السبت 24 يونيو 2023

“من أمن العقوبة أساء الأدب”، مثل نطلقه دائماً على كل من يتجاوز حدود القانون والنظام، بمعنى عندما لا يكون التأديب رادعا عند ارتكاب المخالفات تحل الفوضى في المجتمع ويتصرف المخالف على هواه، وعلى مزاجه. صدمني الخبر المنشور في الصحف المحلية عن أن الحكومة الهندية أوقفت أحد المسؤولين عن العمل بسبب سوء استغلال منصبه، حيث أمر بإفراغ مياه سد (مليوني لتر) للبحث عن هاتفه النقال الذي سقط في السد بعد أن أخذ صورة “سلفي”! 
وكما يقول المثل “عش رجبا ترى عجبا”، فهذا المسؤول العبقري الذي ادعى بأن في هاتفه الكثير من المعلومات الحكومية المهمة وأعطى مبررات غبية نسي بأن الهاتف النقال سيتلف، خصوصا بعد فترة من وجوده في الماء! هذه القضية حركت مشاعري تجاه مثل هذه الأمور التي أعتبرها شخصيًا “جريمة ضد البشرية”، وهذه القضية مجرد مثال للكثير من القضايا التي نسمع عنها في مجتمعاتنا ومجتمعات دول العالم الثالث بشكل عام لنكون منصفين، ولا شك أن السبب الرئيس لتأخر وتطور مجتمعاتنا هو تفشي حب الذات، ومن الأسباب المهمة لنشوء التجاوزات الإدارية البيئة الإدارية ذاتها التي قد لا تتمتع بالوعي الذاتي والثقافي الذي يجعلها في منأى عن التجاوز الإداري.
أنا على قناعة تامة بأنه متى ما وضعت القوانين والنظم واللوائح الإدارية والمالية في أية مؤسسة وتم تطبيقها عل الجميع، فإن المؤسسة ستكون بخير وفي ازدهار مستمر بسبب ثقافة العمل العادل والنزيه، في المقابل، عندما يغيب الإخلاص في أداء المهمات والأعمال ويأخذ الضمير إجازة لدى عديدين في مهن شتى تقفز إلى السطح مظاهر الإهمال والتقصير، إلى جانب غيرها من المظاهر التي تصاحب أداء البعض في المهمات الموكلة إليهم أو تلك المتعلقة التي يقوم بها أصحابها من تلقاء أنفسهم في صور عدة تتسلل إلى الكثير من المهن والأعمال لتفسد غايتها الحقيقية، مشوهة نتائجها وصورتها الطبيعية، مخلفة الكثير من الآثار الوخيمة والضرر على المجتمع. إنّ ضمير الفرد هو صوت داخلي قوي يأتيه بوضوح كلما أقبل على فِعل أمر أو أحجم عنه، ويرتبط ضمير الشخص بتعليمه في صِغره وإرضاعه القيم والمبادئ الحسنة، وإشرابه السلوك والأخلاق المُرضية والصفات القويمة.

*كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية