قرأت عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن رجل هندي سافر إلى دولة خليجية كغيره من الأجانب وكان حلمه أن يجمع 1000 دولار ويرجع إلى بلده، وبالفعل حقق هدفه، لكنه لاحقًا طمع أن يجعل هذا المبلغ 10,000 دولار وحقق ما أراد، بعدها خطط لمضاعفة المبلغ إلى 100,000 دولار وعهد على نفسه أن يكون هذا حلمه الأخير! لكن في عام 2008 حدث ما حدث، الانهيار الاقتصادي أو ما يسمى بالأزمة الاقتصادية التي طالت العالم كله والنتيجة أن هذا الرجل الهندي خسر كل أمواله وثروته!
هذه القصة تجعلني أقف عندها قليلًا، بسبب ما نراه في مجتمعاتنا، وهو ما يسمى بالركض وراء المادة واللهفة الشديدة لجمع المزيد، لا شك أن البشر وبطبيعتهم الفسيولوجية يتسمون بالطمع ولا يستطيعون الوقوف عند حد معين من الثروة! وأنا هنا لا ألوم أحدًا ولا أريد أن أتهم بالغيرة والحسد على الأثرياء، لكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه، كم من العمر سيبقى لنا للاستمتاع بهذه الثروة الضخمة، فمن المهم أن نكون واقعيين أكثر في تخطيط حياتنا المستقبلية، وهنا أقصد بعد سن التقاعد.. نرى الكثير من الناس يرفضون فكرة التقاعد ويعملون ليلا ونهارا، وعطاؤهم لا يكون بالطبع بمستوى الطموح، أنا لا أنكر أهمية الخبرة المتراكمة لهؤلاء الموظفين المخضرمين، لكن هذا لا يعني أن لا نهيئ جيلًا جديدًا للمضي قدمًا في قيادة المؤسسة، ولكي أكون أكثر وضوحا ودقة، فالمقصود هنا ليس صغار الموظفين الذين بالكاد يستطيعون توفير حياة كريمة لعائلتهم، لكن للذين لا يريدون ترك الكرسي خوفًا من خسارتهم الوجاهة في المجتمع! في اعتقادي ومن واقع خبرتي الشخصية فإن الإنسان يجب عليه وضع نهاية لمشواره العملي والبدء بالعمل في تخطيط حياته الجديدة التي ستكون حتمًا مسك الختام لحياته، والاستمتاع بالحياة الاجتماعية والترفيهية والثقافية والسفر وممارسة الرياضة التي غالبًا ما ينساها غالبية الناس بسبب الانشغال بالعمل، فنضطر إلى دفع الثمن غاليًا عند التقاعد!
إذا نحن أمام واقع جديد تفرضه دوامة الحياة وما فيها من متاعب وكوارث وأمراض ومصائب في محيط العائلة وخارجها، فالمسؤوليات جسام وتحتاج الاهتمام والرعاية والوقت الكافي لمتابعة هذه الملفات.
* كاتب وإعلامي بحريني