العدد 5364
الخميس 22 يونيو 2023
banner
طبيب الــ “الشاورما”
الخميس 22 يونيو 2023

لو كان يعرف أنه سيكون عاطلاً بشهادته في الطب، وأنه سينتهي به المطاف بافتتاح وإدارة مطعم للشاورما، بل والعمل فيه شخصياً، لما قضى سنوات من عمره في الدراسة، واستثمر أمواله التي دفعها أهله على دراسته المكلفة في افتتاح فروع أكثر لهذا النشاط التجاري، ولما أرهق نفسه في السهر والدراسة وقهر الامتحانات، واكتفى بشهادة الثانوية العامة، هكذا دار في خلدي وأنا أشاهد مقطعاً مصوراً لهذا الشاب الطبيب وهو يقطع لحم الشاورما!
ليس انتقاصاً من أي عمل، طالما يجني المرء منه اللقمة الحلال، بل أهنئ هذا الطبيب على جرأته وقراره بعدم الركون للبطالة، وسعيه نحو بناء نفسه متحدياً كل الظروف التي عرقلت غيره، وتركتهم يضربون كفاً بكف حسرة وعدم حيلة، لكن من غير المقبول السكوت عن وضع هذا الطبيب وغيره من الأطباء العاطلين، الذين وبعد الدراسة المضنية الشاقة، وغربة الكثيرين منهم، وتكبد أهاليهم عشرات الألوف من الدنانير التي لو ادُخرت لأمكنهم من شراء بيت عوض عن مصاريف دراسة الطب الباهظة تلك، فعلى الأقل سيضمن له سكناً يغنيه عن الاصطفاف في طوابير وزارة الإسكان، ولأمن لزوجته وعياله مسكناً مستقبلاً، بدلاً من استلام شهادة، مصيرها برواز على حائط! لابد أن نعترف بأن الشاب الطبيب حديث التخرج، ينتظر مثل غيره من الخريجين الوظيفة، وأن عملية الاشتغال بالعمل الخاص عبر فتح العيادات أمر قد لا يكون سهلاً أبداً، والذي يحتاج بالإضافة إلى الميزانية الكبيرة، إدارة قد تكون صعبة خصوصاً مع بداية مشواره المهني وقلة الخبرة، ناهيك عن التخصصات التي قد لا يصلح العمل فيها إلا في المستشفيات. 
الطب من التخصصات التي لا تحتمل تأجيل الممارسة، فبالإضافة إلى كون الطب من العلوم المتجددة التي تحتاج إلى متابعة يومية لما يطرأ عليه من تجدد في الدراسات والبحوث، فإنه بحاجة إلى ممارسة وتدريب تحت أيدي استشاريين، والوقت المهدر في بطالة الطب ليس في مصلحة أحد، فكلما طال كلما أصبحت عملية الممارسة المهنية أصعب بل وأخطر على المرضى. 
ياسمينة: بحاجة إلى قرار عاجل لتوظيف كل الأطباء العاطلين. 
*كاتبة بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية