العدد 5343
الخميس 01 يونيو 2023
banner
درب العربية الطويل
الخميس 01 يونيو 2023

في مقطع فيديو لا يملّ الانتشار، تحاور الإعلامية المتألقة مريم فقيهي وزير التربية والتعليم السابق الدكتور علي محمد فخرو، عن أهمية اللغة العربية ومركزيتها في ثقافتنا. هذه القضية ليست وقتية وانتهى زمن طرحها، لكنها مسألة مستمرة لأن “العربية” تخسر مواقع بشكل مستمر مع التقدم الهائل الحادث في اللغة الإنجليزية العولمية يوماً بعد يوم.
التفت د. فخرو إلى أن طلبة المدارس الخاصة لا يمكنهم قراءة نصوص كلاسيكية عربية، وإن قرأوها فلن يتمكنوا من فهمها، وأبشّرك أستاذنا الكريم بأن حتى غالبية خريجي المدارس الحكومية كذلك تصعب عليهم القراءة والفهم، والأمر لدى الطرفين في ضعف اللغة تركيباً، وإملاءً، ونطقاً لأن “حصة” اللغة العربية الحقّة تظلّ غريبة وسط أكوام المواد الأخرى التي تستخدم فيها إما خليط اللغات، وإما لغة دارجة لإيصال فكرة المادة، ولكنها ليست العربية، فلا يزال الكثير من الشباب يكتبون “فالبيت” ويقصدون “في البيت”، ويكتبون “ي رب” ويعنون “يا رب”، وإن أبديتَ تبرّمك من هذه اللغة المسخ، ردّوا “أليس مفهوماً؟ هذا هو المطلوب.. نحن لسنا في درس لغة”!
يستطرد د. فخرو - في المقابلة نفسها – بأن خريجي المدارس الخاصة لا يشاهدون البرامج العربية، ولا يقرأون الصحف العربية، وأزيد أن أطفالنا نادراً ما يشاهدون رسوماً متحركة عربية، فإن أتينا إلى الواقع، فهل في هذه المنصات الإعلامية ما يباري، أو حتى يقارب شبيهاتها الغربيات من حيث جودة النصوص، وانضباط المعلومات، والإنتاج العالي، والحبكة في صنع البرامج، والقدرة على الإقناع، وتوظيف المتخصصين في دراسة تلقي الجمهور ونفسيته، بينما يكتب المسلسلات لدينا كاتب واحد، وهو يتولى – في كثير من الأحيان – القصة والسيناريو والحوار، ويكتب البرنامج الوثائقي كاتب واحد، وهكذا تخرج الأخبار الغربية من منصّاتها وقد تم تدقيقها من قبل فريق من الإعلاميين الذين يشكلون مصافي متلاحقة تضمن خلو الخبر – قدر الإمكان – من الأخطاء والانحرافات، لتضيف عليه تالياً ما تريد من تلوين للتمرير الذكي لأفكارها ومراميها، بينما مازال إعلامنا العربي يركب عربة التطبيل والتلميع، لا لأنه مقتنع بما “يردح” به، ولا الجمهور مقتنع، ولكن هذا ما يُطلب منه، لذلك لن يلام الجمهور إن التفت إلى إعلام آخر ينهل منه.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .