في ظل هذه "المعمعة" العولمية الكبيرة، والتي صاحبها ظهور المنصات الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي، والقنوات الذكية وغيرها الكثير، بات حال المجتمع هنا وفي أماكن كثيرة في المنطقة والعالم ليس بأفضل حال، فالتحديات التي يواجهها أرباب الأسر في تربية أولادهم، شرسة، وقاسية، وليست هينة أبداً، ولا يمكن مقارنتها بأي وضع سابق على الإطلاق، فلو كان الآباء الأشاوس موجودين، لتسمروا أمام هذا، وضربوا الأخماس بالأسداس دون الوصول إلى أي حل. ولطالما أؤكد في اللقاءات التي تجمعني مع الأصدقاء والأقارب ومن أحبهم، أهمية توعية الشباب عبر إغراقهم بالقراءة، لأنها مفتاح كل الحلول، فتجارب الشعوب، والكُتاب، والمناضلين، والمثقفين، وقصص النجاح والفشل، أرضية لا يستهان بها، في بناء الشخصية، وتقوية أواصرها.
وكنت - وفي هذا السياق - قد التقيت أخيراً الأمين العام للمؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية الرجل المثقف والخلوق الدكتور مصطفى السيد، في لقاء جميل، كان "اللاتيه" ثالثنا فيه، حيث تحدثنا بهذا الشأن طويلاً، علق خلاله السيد على الكثير من النقاط المهمة. يقول السيد "هناك قواعد ذهبية لنجاح أي قائد، وأنا أرى في الشباب البحريني أنهم جميعا قادة وقادرون على خلق التغيير الإيجابي، وبناء مجتمعهم، وخدمة وطنهم كما يجب. أولها دعوات الوالدين، وثانيها التواضع ومحبة الناس، وأن يكون حب العلم والثقافة ودعم الشهادات الجامعية بالخبرة العملية ضمن أولوياتهم، وأن ينشغلوا في غيرهم، ولكن بالخير والسعي إليه، وليس بالشر".
ويتابع السيد" الحرص على عمل الخير يجب أن يكون مستمراً، وفي أقسى الظروف وأصعبها وأحلكها، فلا حاجز في نشر ثقافة العطاء والوفاء لأبناء البلد، كما أنصح الشباب بأن يكونوا عنيدين في تحقيق أهدافهم، بإصرار جميل، لا يحمل في قاموسه كلمة "الاستسلام" ولا قيد شعرة". ويزيد السيد" من الأهمية أيضاً رؤية واستشراف المستقبل، بدقة، ودراسة، وفهم واعد، وبعمل يوصلهم إلى التخطيط الاستراتيجي الذي يضمن تحقيق النجاح، وكذلك تنمية فريق العمل، والحرص على دفعهم نحو النجاح، والتقدم، والحرص على معاملتهم كمسؤولين، حيث إن ثلاث ساعات من العمل الجاد يوميا وبتركيز مئة بالمئة، تكفي لتحقيق الكثير من الإنجازات، ويا ترى كيف إذا أخلص الإنسان في عمله ثماني ساعات في اليوم".
ويواصل السيد بحديثه الشيق" أنصح الشباب أيضاً بسعة الصدر، وبأن ينموا لديهم ثقافة الإنصات للآخرين، بمختلف أطيافهم، ومستوياتهم، والإحساس بشعورهم، والتعاطف معهم، وكذلك التعامل مع المشاكل بصبر، وقوة أعصاب، واحترافية، والعمل المستمر لإيجاد الحلول، بدلاً من اللوم، ورمي الأخطاء على الآخرين".

كاتب بحريني