العدد 5319
الإثنين 08 مايو 2023
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
حرية الفرد وفكر الاختلاف
الإثنين 08 مايو 2023

الحديث عن الحرية والاختيار الحر للفرد يتعارض مع الضغط الآيديولوجي للجماعات، والذي يلغي فردية الفرد واستقلاله الفكري في مواجهة هذه الجماعات التي لا ترى للفرد استقلالية خاصة أو فكرا خاصا أو حتى ممارسة مستقلة، فالفرد في هذا السياق يفقد أية قيمة خارج إطار الجماعة الآيديولوجية، في حين أن الحرية والديمقراطية الحقيقية تكون فيهما القوانين الفاعلة في المؤسسات كافة مبنية صراحة أو ضمناً على حقوق تكفل لكل فرد وكل فئة اجتماعية حرية التفكير والتعبير والتنظيم والعمل في إطار ديمقراطي قانوني سلمي لا يستطيع أحد التنكر له أو الخروج عنه، إلا وأدانه القانون التعاقدي العام. وكذلك الجماعة الحزبية إذا ما خرجت عن المسار العام للعبة الديمقراطية والقوانين، فإن هذه القوانين السائدة والرأي العام السائد سريعاً ما يكشف انحرافها وخطرها، فتتم معاقبتها قانونا أو عبر صناديق الاقتراع.


يوجد اليوم حتى في البلدان الديمقراطية نفسها جماعات متطرفة تتكلم باسم الدين أو العرق أو المعتقد السياسي، لكن هذه الجماعات تظل في الهامش الذي يسمح لها بالتعبير عن أفكارها كغيرها من الجماعات، لكنها تظل واعية بهامشيتها فلا تتجاوزها، وحينما تتبنى منطق العنف وتمارسه، فمن المؤكد سوف تعاقب باسم القانون العام.


إلا أن الفرد، وفي إطار تمتعه بالحقوق والحريات التي تكفلها الدساتير والقوانين، قد يلجأ إلى التنفيس عن أزماته واحتقاناته الخاصة بطرق رمزية سلمية لا يجب أن يعتبر تجاوزها خروجاً عن القانون يفقده هذه الحقوق، حيث لا يمكن ولا يجب أن يمنع الحق في الاختلاف والتعبير عنه طالما أن ذلك يتم في سياق سلمي، لأن الاختلاف في سياقات الرأي والفكر والإبداع قوة للمجتمع وليس إضعافا له. ولعل من أقوى الأدلة على المكانة الرفيعة لفكر الاختلاف في المجتمعات الحديثة أن أكثر الفئات تحرراً هي الفئات التي تبحث وتفكر وتبدع وكأن الدولة والمجتمع يطالباها بالمزيد من الإنتاج الخلاّق في المجالات الثقافية والفكرية والفنية، بما يعني في النهاية أن فكر الاختلاف في مثل هذه السياقات يقود الحياة الإبداعية إلى المزيد من الإنجازات بالتحرر من النمطية والتكرارية والاتباعية.


كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .