العدد 5314
الأربعاء 03 مايو 2023
banner
مسافة الأمان
الأربعاء 03 مايو 2023

تلعب المسافات التي نضعها في حياتنا أدواراً مختلفة، ففي الشارع نضع المسافة بين المركبة التي نقودها والمركبة الأخرى تجنباً لوقوع الحوادث، وأثناء المعاملات اعتدنا وضع المسافة بيننا وبين الآخرين عند الانتظار في الطابور تعزيز لمبدأ الاحترام، والمسافة كفيلة برسم الحدود بيننا وبين الناس في تعاملاتنا الجمة، ولا يقتصر ذلك على المعاملات الرسمية والمهنية فحسب، لكن بات ترك مسافة من التوصيات المهمة التي تعزز العلاقات الإيجابية لدى الأفراد في تعاملاتهم من الأجل الارتقاء في المعاملات والحرص على علاقات ناجحة، الأمر الذي لا يتداخل مع مفهوم الثقة المطلقة التي لا يجب أن تمنح لجميع المحيطين، فالحدود التي نصيغها من خلال ترك المسافة مهمة لضبط موازين العلاقات، وكأنها تصبح صمام الأمان بالنسبة للشخص، ويترتب على ذلك تفعيل مبدأ الخصوصية التي يحتاجها الأشخاص في حياتهم، فأبواب الناس لا تترك دون أقفال، ونحن عندما نضع الأقفال نكون قد وضعنا مسافة لا نقبل تجاوزها، فالجميع يسعى للحفاظ على منظومته الخاصة التي لا نحتاج أحيانا لمشاركتها مع الآخرين، عدا أن البعض يرى ترك المسافة يضمن تحقيق التوازن في العلاقات خشية التعرض لمواجهة أو ما يعكر صفو التفاعل مع المحيطين، وتقدر المسافة في العلاقات بعمق وأهمية العلاقات.
تلك المسافة التي تضعها بينك وبين الآخرين على سبيل المثال لتجنب الإصابة بالفيروسات المرضية خشية انتقال العدوى هي نفسها المسافة التي نحتاج أن نضعها دائماً بيننا وبين الآخرين لتجنب الإصابة بالخيبات، فقد نحتاج أحياناً لخفض سقف التوقعات قليلاً، لعل هذه التأملات التي قد تروق للبعض ما هي إلا وسائل تساهم في رفع المناعة النفسية على المدى البعيد.
* كاتبة وأخصائية نفسية بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية