العدد 5308
الخميس 27 أبريل 2023
banner
مجـرد رأي كمال الذيب
كمال الذيب
التاريخ يتحرك في أماكن أخرى
الخميس 27 أبريل 2023

مع بزوغ قوى جديدة، بدأ العالم يعبر عن الرغبة في الخروج من تحت مظلة القطبية الأحادية، والتوجه نحو التعددية القطبية، لذلك كان على الولايات المتحدة الأميركية وضع العراقيل في طريق بزوغ القوى المنافسة لها، مثل روسيا الاتحادية والصين الشعبية، وتهميش دور الاتحاد الأوروبي.
وبعد الإخفاقات الأميركية في أكثر من ملف دولي، كان من النتائج المباشرة أن أصبحت الإدارات الأميركية محاصرة، أكثر من أي وقت مضى، بجملة من الأسئلة المحرجة حول حروبها وغزواتها الفاشلة وانسحاباتها، وسياساتها المتخبطة في القضايا الدولية. وإن كان هذا التخبط ليس وليد المرحلة الحالية، ويعود إلى لحظة سقوط الاتحاد السوفييتي، وانطلاقا من المعادلة الخارجية يفضي تحليل أبعاد هذا التعثر الأميركي في إعادة ترتيب شؤون العالم، بسبب حجم الفراغ المدهش الذي خلفه غياب الاتحاد السوفييتي، وبسبب عدم التوافق في وضع أسس مستقرة لنظام دولي محكوم برؤية جديدة يقبل بها العالم.
فمنذ العام 1991 كانت هناك دولة عظمى واحدة إلا أن هذه الدولة رغم تفردها بالقوة مازالت تلوك في مرارة، لا تخلو من الادعاء هبوط هيمنتها وتأثيرها السحري في العالم، بسبب عدم امتلاك رؤية وبسبب تراجع السحر الأميركي وخفوت ألوانه.. فالأوروبيون باتوا يضيقون ذرعا من الهيمنة الأميركية، ويتحدثون صراحة عن ضرورة بناء قوتهم الخاصة ومنظومة مصالحهم الخاصة، بعيدا عن تلك الهيمنة. وآسيا بدأت تعيد ترتيب بيتها وفق معادلة مختلفة، ومنظومة بريكس تطل برأسها معلنة ظهور قوة جديدة، قد تأخذ وقتا لإظهار نتائجها المحتملة.
ومن الواضح أن أميركا بالرغم من تواصل هيمنتها على العالم وبالرغم من امتلاكها كل أسباب القوة، لم تعد قادرة على قيادة العالم بأكمله، كما أن محاولة فرض العملقة بالقوة لم تفلح إلى حد الآن، إلا إلى جر العالم إلى منازعات ساخنة لإخفاء المشكلات الحقيقية التي تمت ترجمتها كنظام عالمي جديد. فالتاريخ يتحرك اليوم في أماكن أخرى؛ في روسيا والهند والصين، والبرازيل وجنوب أفريقيا وفي دول ومناطق أخرى ناهضة تبحث لها عن مكان ومكانة تحت الشمس.. وللحديث صلة.

*كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية