“الصحافة الصفراء” لقب تلك الصحف التي لا تراعي أدنى مصالح المجتمعات، بل ولا أية موضوعية أو أصول للمهنة والحرفية، إنما هدفها الانتشار السريع مهما كان الثمن، واليوم نعيش وضعا لا يختلف عنها مع مسلسلات تلفزيونية جديرة أن توصم بأنها “المسلسلات الصفراء”، والتي يعرض بعضها في شهر رمضان، فلم تقتصر تلك المسلسلات على إفلاس محتواها، بل زادت عليه ما صدمت به الكثير من أبناء العالم العربي بفعل استهدافها بعض الدول تحديدا بوصم أبنائها بقالب مذل مهين، وما تتسبب به من إشغال الناس بالصراعات في مختلف مواقع التواصل، لاسيما في أيام الشهر الكريم التي يتأكد فيها ترك الجدال والمشاحنات؛ علاوة على تسببها برسم صور نمطية مغرقة في الإساءة لبعض الشعوب العربية، حيث تتصدر الترندات التي تجذب مختلف الأطراف لتبادل الجدل والإساءة فيما بينها.
كم هو محزن أن يحدث هذا الأمر لسنوات متتالية الآن، بهدف جمع المال وبناء الثروات على حساب الشقاق بين الشعوب العربية، فمثل هذه الصراعات تمثل إعلانا مجانيا لهذه المسلسلات الصفراء، وزيادة في متابعيها، لتحصل بعد ذلك على حصص أكبر من كعكة الإعلانات التي تصرف ببذخ في شهر رمضان من كل عام.
كنا ندرس لسنوات في مقررات الإعلام التحيز الغربي، وما يرسمه من صور نمطية “ستيريو تايب” ضد العرب والمسلمين، وتكرار ذلك بشكل ممنهج عبر سنوات طويلة بغرض الإثارة والانتشار والأجندات الظالمة، لكننا اليوم -وللأسف - نرى من بني جلدتنا مثل ذلك في معالجة دراما بعض المسلسلات العربية التي تعرض في شهر رمضان المبارك بهذا الشكل المحزن؛ فالمال أصبح المحرك الرئيس والوحيد لها، مهما كان ما تسببه تلك المعالجات الدرامية من صراع اجتماعي متقد يومًا بعد يوم، ومهما نتج عنها من ابتعاد الناس عن روح المحبة والتسامح والتآخي التي نحن بأشد الحاجة إلى تغذيتها بدلا من تغذية الصراع، إضافة إلى ما يصحب ذلك من توترات نفسية لدى شريحة المشاهدين الذين يشعرون بالقهر جراء الإساءة لهم ولأبناء بلادهم بهذا الشكل.

* كاتب بحريني