دار نقاش بيني وبين عدد من الأصدقاء حول العقد المرورية التي تحتاج إلى حلّ، والعجيب أننا رغم اختلافنا في بعض ما دار من حديث، إلا أننا لم نختلف في أن أصل المشكلة التي ولّدت هذه العقد وعكّرت الصفو المروري هي بعض تصاميم الطرق، فبالرغم من فشل بعض التقاطعات المرورية في استيعاب سيل السيارات المتدفق بكفاءة وسلاسة، إلا أنك تجد بعض التقاطعات الجديدة التي تحمل نفس “الثيمة” والفلسفة التي ثبت فشلها بجلاء؛ وذلك كونها تقوم على فكرة تداخل المسارات، فترى القادم من اليمين يطلب اليسار، ويتداخل مع القادم من اليسار الذي يطلب اليمين، خذ على ذلك مثالا واضحا، التقاطع الكائن على شارع الشيخ عيسى بن سلمان أسفل جسر “كوبري” شارع الشيخ سلمان، فالقادمون من جهة عذاري يطلبون اليمين، والنازلون من شارع الشيخ سلمان يطلبون اليسار، وربما تكون هذه العقدة المرورية هي الأقدم، والتي مازالت تعطل الحركة المرورية كلَّ صباح على كامل شارع الشيخ عيسى بن سلمان في اتجاه الغرب، وشارع الشيخ سلمان في اتجاه الشمال، والواضح أن هذا التصميم تكرر في تقاطع ميناء سلمان الجديد، فالحركة المرورية المتجهة إلى الشرق من شارع الشيخ عيسى بن سلمان وتطلب شارع الفاتح، تتقاطع في حيز قصير مع الحركة المرورية القادمة من سترة والمتجهة إلى الحد.. وهكذا ستجد الكثير من مثل هذه النقاط المرورية الساخنة، والتي بات من السهل حصرها من تكرار شكاوى الناس، أو عبر رصدها باللون الأحمر القاتم في التطبيقات الإلكترونية المجانية مثل “جوجل ماب”.
كم وقفت هذه العُقَد المرورية حجر عثرة أمام الانسيابية المرورية؟ وكم كبدت الاقتصاد من خسائر فادحة؟ كل ذلك مع ما يصاحبها من مشاحنات وتوتر بين السائقين، وقد يساهم عمل بسيط تقوم به “جامعة البحرين” في حل هذه العقد كلها، حيث إن الكثير من بحوث التخرج تُدخل بعض الطلبة في حيرة عند اختيار المواضيع لأطروحاتهم العلمية، وأجد أن تزويد الأقسام المختصة في الجامعة الطلبة بهذه العُقَد والمعضلات كإشكاليات بحثية سوف يدفع الباحثين إلى إيجاد حلول وتوليد أفكار جديدة خارج الصندوق، وتقديم الطرق والتوصيات اللازمة لتنفيذ تعديلات أو إيجاد بدائل للتصاميم القائمة، وبل والتصاميم القادمة في المستقبل القريب، حتى نتمكن من المساهمة في معالجة ملف الأزمة المروية عبر توظيف البحث العلمي، خصوصًا مع هذا التنوع الكبير في التخصصات الهندسية والإحصائية التي جدت حديثا، فهل سيجد هذا المقترح النور؟.
* كاتب بحريني