العدد 5269
الأحد 19 مارس 2023
banner
نعيب زماننا والعيب فينا
الأحد 19 مارس 2023

شهدت العلاقات الاجتماعية بين الأهل والأقارب والجيران فتوراً كبيراً، حيث لم يعد لها الحضور الذي كانت عليه في السابق، وأرجع مختصون هذا الفتور لأسباب عدة؛ أهمها الطفرة المادية وما خلّفته من خلل في الحياة الاجتماعية، إضافةً إلى خروج الناس من “الحارات القديمة” التي تتميز بتقارب أهلها في المستوى المعيشي والاجتماعي والثقافي؛ وانتقالهم إلى الأحياء الحديثة المتباعدة، إلى جانب وجود الكثير من الجنسيات الوافدة التي جاءت تحمل عادات بلادها وطبيعة مجتمعاتها، ما انعكس على الحياة في مجتمعنا بشكل واضح في هذا الزمن، إلى درجة لم يعد فيها الجار يعرف جاره، وربما الأخ مرّت شهور دون أن يزور أخاه.
والملاحظ على العلاقة بين أفراد المجتمع أنها أصبحت “هشة” و”ضعيفة”، بل إن البعض يرى تقويتها “مضيعة للوقت” وليس من الأولويات! ما أدى إلى تلاشيها بين الجيران والأقارب، إلى درجة أن المعرفة أصبحت بين الناس لا تظهر إلاّ في الأفراح والأتراح. إن العلاقات بين الأقارب والجيران أصبحت ذابلة في ظل انشغال الناس عن الجوانب العاطفية والعلاقات الإنسانية، حتى الاتصالات بالهاتف أو “الجوال” للتهنئة بمناسبة سعيدة أو السؤال عن الأحوال لم تعد قائمة، إنما أصبحت رسائل الواتساب هي السائدة بين الأقارب والأصدقاء.
علاقات اليوم أشبه بـ “المتبلدة”؛ لأن كل شخص مشغول بنفسه، ما أدى إلى ضعف وذبول العلاقات بين الجيران، إلى درجة أصبح معها الجار لا يعرف اسم جاره، إضافة إلى أن معظم علاقات الناس أصبحت مبنية على المصالح. يقول لي بحسرة أحد الأصدقاء إنه أجرى عملية جراحية ومكث في المستشفى 4 أيام، وحتى بعد خروجه من المستشفى لم يسأل عنه إلا عدد قليل من الأهل والأصدقاء على الرغم من علمهم بذلك! تصوروا أننا أصبحنا أناسا عديمي إحساس، أصبحنا مثل الإنسان الآلي، إذ كيف لنا أن نربي أبناءنا التربية الصحيحة ونحن لا نطبقها على أنفسنا! الله عز وجل أمر بصلة الأرحام وعدم قطعها، وبهذا الشكل نجد أن صلة الأرحام قد تنقطع والأمر يتطور بشكل أكبر مع الأجيال القادمة.
لذلك لابد أن نعلم أبناءنا ونربيهم على توطيد العلاقات الأسرية والعائلية. صدق الإمام الشافعي عندما قال “نعيب زماننا والعيب فينا”.

*كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية