أحيانًا المبادرات الجميلة لا تقاس بقيمتها المادية، فجميعنا بلا شك صادفتنا مواقف أو مبادرات أو لمسات رائعة في العمل أو مع العائلة أو الأصدقاء وغيرهم، فنجد أحيانًا رسالة نصية أو اتصالا له تأثير كبير على النفوس وجبر الخاطر.

وفي هذا المقام أحببت أن أشارك القراء الأعزاء مقطع الفيديو الذي تلقيته عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن ذلك المشهد الإنساني الرائع عندما قرر جماهير فريقي بشكتاش وأنطاليا سبور التركي إلقاء ألعاب أطفال على أرضية الملعب لتجميعها وإرسالها للأطفال المتضررين من الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا بتاريخ 6 فبراير المنصرم، ففي الدقيقة 4.17 تم إيقاف المباراة للسماح للجمهور بإلقاء الألعاب والهدايا تضامنا مع ضحايا زلزال قهرمان مرعش، وتم اختيار هذا التوقيت بسبب أن الزلزال السيئ الصيت وقع في الساعة 4.17 فجرًا.

قد يقول البعض إن هذه المبادرة ليست كافية، وإن متضرري الزلزال بأمس الحاجة إلى الدعم المادي والمواد الغذائية والملبوسات والمواد الطبية وغيرها، وأنا أتفق معهم، لكن هذا لا يعني أن نقف ضد أية مبادرة جميلة وإنسانية، وأنا على يقين بأن الجميع هناك لم يقصر في تقديم كل الدعم والمساندة من جهات حكومية ورسمية وقطاع خاص ومواطنين، ناهيك بالطبع عن دعم جميع دول العالم.

فكما ذكرت آنفا، أحيانًا المبادرات البسيطة لها تأثير كبير، فهذا الجمهور الغفير أبى إلا أن يشارك في هذه الحملة ليثبت أن الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص كونها اللعبة الشعبية الأولى رسول محبة وإخاء بين الشعوب، ويمكنها أن تعلم الناس كيف يشد بعضهم أزر بعض، كيف تجمعهم مشاعر واحدة تتجاوز فروقاتهم البشرية، كيف يتحول الإنسان إلى كائن عالمي، كيف يلتقي مع ملايين البشر حول قيم وأساليب رفيعة ترمز لمعايير التفوق والجودة بعيدًا كل البعد عن أية ديانات ومذاهب وطوائف.

خلاصة القول إن هذه المبادرات المقدرة والخلاقة نحتاجها كثيرا في لم الجراح لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أجل رسم البهجة والتخفيف من مصابهم الجلل.

فتحية تقدير لإدارتي الناديين على هذه اللفتة الجميلة، وشكر خاص بالطبع للجماهير الغفيرة التي حرصت على الحضور واستجابت لهذا النداء الإنساني، فالملعب كان مليئًا بالكامل بسبب حرص الجمهور على المساهمة في هذه المبادرة وليس لمشاهدة المباراة.

* كاتب بحريني