ألف مبروك لعروس الخليج "البصرة"، وهذا لقب تداولت التسمي به دول مجلس التعاون الخليجي، وأشهرها "البحرين" لوقوعها في قلب الخليج، والبصرة عروس الخليج الرابضة عند مصب "شط العرب" فازت بجدارة بالتتويج بكأس "خليجي 25" من قِبل شعبها العظيم، والذي توافد إليها من كل المحافظات الدانية والقاصية لدعم المنتخب في ملحمة مساندة أسطورية لم يشهد تاريخ كرة القدم لها مثيلا، وقدم في سبيل اجتياز هذه الملحمة تضحيات هائلة في الأنفس والمال.
وبإرادته الجبّارة حقق الشعب العراقي ملحمة انتصاره الرياضية العظيمة في الفوز ونجاح تنظيم الدورة بكل ما لها من أبعاد سياسية ورياضية. أن تصنع دول العالم المتقدمة رياضياً نجومها الكبار، وعلى الأخص في الغرب، ثم تتباهى بإنجازاتهم وبطولاتهم العالمية فهذا أمر مفهوم، لكن ماذا عن بلد ينجح في تنظيم البطولة ويفوز ببطولة إقليمية عربية في ظل ظروف استثنائية سياسية واقتصادية اجتماعية بالغة التعقيد والتحبيط غنية عن البيان، فهذه معجزة بمعنى الكلمة. وهنا بالضبط مكمن عظمة الملحمة الرياضية العراقية التي تابعها عشاق الكرة في كل أرجاء عالمنا العربي وعدد من دول العالم، كان يُراد لهذا العرس الخليجي أن يفشل من قِبل قوى أجنبية وداخلية لدوافع سياسية معروفة، لكن كيدهم ارتد إلى نحورهم، ونجح هذا العرس بامتياز وتم فيه زف عروس خليجنا بأفضل ما يليق، بمشاركة شعبها من مختلف محافظاته، ومن الجنسين، وبمشاركة جماهيرية واسعة من كل الأقطار العربية في الخليج، فألف مبروك لعروسنا الخليجية "البصرة" وألف مبروك لكل العراق.
ألف مبروك للشعب العراقي الذي فوّت بوعيه العظيم وجذوره التاريخية في الكرم العربي الأصيل الفرصة على المتربصين للتشكيك في صدق هذا الكرم بدون مقابل، والذي شهدت به كل شعوبنا الخليجية وعجزت عن التعبير عنه بالكلمات. ألف مبروك للشعب العراقي الذي آزر فنانوه منتخبهم بأجمل الألحان والكلمات، وتغنت الملايين العراقية بها في مؤازرة منتخبهم، ونال إعجاب كل الشعوب الخليجية التي تابعت الملحمة؛ لما للفن الغنائي العراقي من جاذبية ومكانة لدى كل أقطار الخليج.
وبسبب هذا التمازج العراقي الخليجي جاء كرم جامعة البصرة العظيمة باستضافة نحو 25 بحرينياً من قدامى خريجيها لمتابعة عرسها الرياضي، فشكراً لهذه الجامعة العلمية الشامخة، وشكراً لكل طلابنا الذين لبوا دعوتها، وذلك بعد انقطاع أكثرهم عنها انقطاعا دام أكثر من 40 عاماً. وهي بالضبط الفترة التي كان يُراد فرض العزلة على الشعب خلال عهد الطاغية المقبور الذي تسبب في حصار العراق 13 عاماً لغزوه الكويت، ثم خلال الاحتلال الأميركي، ومن بعده "داعش" الذي هُزم بسبب صمود وبطولة هذا الشعب في المقام الأول. وأخيراً ألف مبروك لهذا الشعب العظيم الذي أريد استمرار عزله عن محيطه الخليجي والعربي، من خلال جعل الملعب مأتما لاستفزاز ليس الإخوة الخليجيين فحسب، بل والنسيج الجميل لمنتخبهم وجماهيرهم المؤازرة من مختلف أطيافها القومية والدينية، لكن الشعب كان أوعى من الوقوع في هذا الفخ الخبيث؛ وهنا بالضبط مكمن سر فرحة العراقيين التي لا تُوصف. وتلهفم الشديد لزفاف عروس الخليج، والمؤكد فإن عراق ما قبل "خليجي 25" لن يكون عراق ما بعده.