لا أعرف على وجه الدقة ما هي الأسباب التي تمنع استخدام تقنية “var” والتي تعني - الحكم المساعد بالفيديو - في مسابقاتنا الكروية، لكنني متأكد أن غيابها عن ملاعبنا حتى الآن سيترك أثراً سلبياً على الكرة البحرينية في المستقبل القريب، خصوصاً بعدما شهدت مباريات دوري ناصر بن حمد أخطاء تحكيمية فادحة وآخرها عدم احتساب هدف لصالح نادي الرفاع أمام المنامة أثبتت الإعادة التلفزيونية أنه صحيح، الأمر الذي تسبب في خسارة الفريق دون وجه حق!
ومن المعروف أن تقنية “var” تستخدم في الحالات المشكوك في أمرها، مثل عبور الكرة خط المرمى أو احتساب الأخطاء داخل أو خارج منقطة الجزاء، أو التسلل ولمس الكرة باليد، إنها باختصار إعادة تلفزيونية للحالات التي لم يتمكن فيها حكم الساحة ومساعديه من ضبطها بشكل دقيق، وذلك لضمان عدم إصدار حكم ظالم ضد أحد الفريقين المتنافسين داخل الملعب.
وتعتبر هذه التقنية الحديثة ثورة في عالم كرة القدم، وشاهدنا كم كان لها دور مؤثر في المونديال الأخير الذي شهد استخدام “var” في إلغاء أهداف بداعي التسلل واحتساب ركلات جزاء وأخطاء مؤثرة كانت ستغير ملامح المنافسة في كأس العالم برمّته، لو تم الاعتماد فقط على قرار الطاقم التحكيمي الاعتيادي داخل الملعب.
وتعتمد تقنية “var” على غرفة مزودة بشاشات تنقل المباراة من زوايا مختلفة، بوجود ثلاثة حكام يتابعون الحالات المشكوك فيها، فيما يلجأ حكم الساحة لطلب إعادة هذه اللقطات للتأكد منها قبل اتخاذ القرار، وساهم هذا الأمر في تقليل الأخطاء التحكيمية وبالتالي اطمئنان الفرق من مغبة التعرض إلى الظلم نتيجة للقرارات الخيالية والتي تكون تكاليفها باهظة على الأندية والمنتخبات التي أعدت نفسها بشكل جيد للمنافسة.
ورغم أن هذه التقنية تعد حديثة على كرة القدم، إلا أن الحديث عنها بدأ للمرة الأولى في هولندا العام 2010، وأثبتت نجاحها بشكل باهر عندما استخدمت بشكل رسمي للمرة الأولى في الدوري الهولندي العام 2012، وهو الأمر الذي ساهم في اعتمادها في مسابقات الاتحاد الدولي بعد أن تولى الرئيس الجديد انفانتينو قيادة الفيفا في العام 2016، حتى أصبحت معتمدة في جميع الدوريات الكبرى منذ العام 2019، لتكون واحدة من أهم التقنيات المستخدمة في عالم الساحرة المستديرة في مونديال 2022.
لقد واجه مقترح استخدام تقنية الحكم المساعد بالفيديو الذي تقدم به الاتحاد الهولندي لمجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم رفضاً قاطعاً في البداية، وكان على رأس المعارضين رئيس الفيفا السابق جوزيف بلاتر، وبعد إقالته بسبب فضيحة الفساد التي ضربت إمبراطورية الفيفا العام 2015، استقبل الرئيس الجديد المقترح بحرارة وتم استحداث عدد من القوانين الخاصة باللعبة من أجل استخدام هذه التقنية المتطورة.
وفي هذا العصر الذي أصبحت فيه التقنية والتكنولوجيا سمة من سمات الحضارة والتطور، تبدو مسابقاتنا الكروية المحلية في وضع حرج، فهي غير قادرة على أن تساير لغة العصر، حتى على مستوى دورة كأس الخليج، سوف يتم استخدام “var” بشكل رسمي، لأنها تقنية أثبت فاعليتها في إنهاء حقبة مريرة من الكوارث التحكيمية التي من شأنها أن تحطم آمال وتطلعات الفرق والمنتخبات بسبب قرار خاطئ، لذلك على اتحاد الكرة أن يتحرك في هذا الاتجاه بسرعة لاعتماد هذه التقنية فلم يعد من المقبول غيابها أكثر!