العدد 5175
الخميس 15 ديسمبر 2022
banner
هل يجلد الجلادُ نفسه؟
الخميس 15 ديسمبر 2022

“أشعر بالذنب على الدوام وأحمل نفسي ما لا طاقة لها به.. أنا الحكم وأنا الجلاد واللص والمفتش، بت أسير الاكتئاب وحبيساً في طامورة تأنيب الضمير، أصبح وأمسي على وخزة”. هل يجلد الجلاد نفسه، وهل من العدل أن يلقي عليها تبعات كل الأخطاء والخطايا التي ترتكب في هذه الدنيا؟ لماذا نقوم عامدين بجلد ذواتنا دون رحمة مع شعورنا بالأذى، وهل من سبيل للكف عن ذلك؟
جلاد ذاته عدوها، والذي يدرك جيدا مكامن الضعف فيها فيستغلها ويلعب على أوتارها بقسوة حين يبالغ في التفكير ويفشل في الخلود للراحة والنوم بعد كل فشل يتعرض له وكل زلة ورزية، فيحمل نفسه وزر ما حدث وذنب ما جرى، فلو كان حادثا فهو السبب فيه، وإن مرض أحد أبنائه أو أحبته فلأنه المقصر في الرعاية. لكل من يجلد ذاته ويعاني، هذه ليست النهاية وكما تجلد ذاتك اليوم فأنت قادر على نشلها من غياهب العذاب والاكتئاب بالتقرب لله تعالى والتسليم بقضائه وقدره. لا داعي لأن تعاتب نفسك وقل “قدر الله وما شاء فعل”، فلكل قضاء حكمة ولسنا من يسير الأمر بين السماء والأرض. هذه القناعة تجلب الراحة للنفس وتزيل عن كواهلنا مسؤولية ما يجري حولنا مما لا طاقة لنا به. كذلك فإن معرفة نقاط الضعف ومقاومتها والتخلص منها، من أولى خطوات العلاج لكل من يجلد ذاته ويؤذيها. التحدث عن المشكلة مع من يثق به قد يلقي بالحمل الذي يشعر به على قلبه ويثقل كاهله، فيدرك بساطة المشكلة ويراها بحجمها الحقيقي من دون مبالغة. فليدرك من يجلد ذاته أنه كل ما مر به من تجارب ينبغي له التعلم منها واستلهام الدروس الصعبة التي قدمتها له.  الفراغ هو البيئة الخصبة لكل مفسدة، فعليه أن يستغل أوقات فراغه في ممارسة هواياته أو التطوع لخدمة مجتمعه والمشاركة في النشاطات الإنسانية والاجتماعية والمساهمة في حل المشكلات، فقد تكون مصائب الغير أقسى بكثير من مصائبه.

كاتبة بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .