العدد 5120
الجمعة 21 أكتوبر 2022
banner
لجنة بازل للإشراف على البنوك
الجمعة 21 أكتوبر 2022

سياسة “اعرف عميلك” في البنوك لمكافحة غسل الأموال، أظهرت إيجابيات كثيرة للقطاع المصرفي من جهة والبنية الاقتصادية من الجهة الأخرى، إلا أن بعض البنوك لم تتمكن من تنفيذ هذه السياسة بالصورة المطلوبة، وهذا قطعا سيترك فراغا وسط القطاع المصرفي. ولهذا رأت “لجنة بازل للإشراف على البنوك” التدخل من أجل سد هذه الفجوة حتى يتمكن القطاع المصرفي من الوقوف في وجه جريمة غسل الأموال. 
وتحقيقا لهذا، قامت “لجنة بازل للإشراف على البنوك” بإصدار مؤشرات عدة يجب على البنوك اتباعها حتى يتم التقيد بالتنفيذ الكامل والفاعل لسياسة “اعرف عميلك” في كل البنوك قاطبة، ومن أهم مؤشرات لجنة بازل ضرورة قيام البنوك بوضع سياسة تبين موافقة العميل على الإجراءات الخاصة بسياسة “اعرف عميلك” تجاه جريمة غسل الأموال، وإلزام العميل بتقديم كل المعلومات الخاصة به وبطريقة تقود البنوك إلى التعرف عليه بصورة كاملة، وقيام البنوك بإعداد طريقة معينة يتم اتباعها طيلة الوقت لمراقبة ومتابعة الحسابات ذات المخاطر العالية، وضرورة اتباع سياسة واضحة في البنوك يتم تطبيقها لمقابلة إدارة المخاطر المتعلقة بالحسابات المصرفية وارتباط هذه السياسات بمكافحة غسل الأموال.
وقامت معظم البنوك بالاعتراف بأهمية المؤشرات الصادرة من لجنة بازل وتم اعتمادها كمعيار أساسي “بنش مارك” يجب اتباعه لتفعيل مكافحة غسل الأموال عبر البنوك. وأشارت لجنة بازل، إلى أن المحك في تنفيذ هذه المؤشرات التوجيهية يتمثل في ضرورة قيام البنوك بوضع لوائح داخلية يتم اتباعها بصورة واحدة و “متكاملة” في الفروع التابعة للبنك وكذلك في الشركات المملوكة والمرتبطة. ومن اتباع هذا المنهج يتم استحداث سياسة موحدة لإدارة المخاطر الخاصة بالتعامل مع العملاء وإدارة معاملاتهم المصرفية من أجل مكافحة جريمة غسل الأموال، ومن هذا المنهج “الموحد” تبرز ضرورة اتخاذ الوسائل المصرفية لمعالجة الإجراءات القانونية التي قد تعوق المكافحة. 
ويبدو واضحا، أن “لجنة بازل” تنادي بهذه الإجراءات الموحدة في البنوك، نظرا لأن جريمة غسل الأموال جريمة عابرة للحدود وتتجول بحرية وبكل سرعة وبدون الحاجة لتأشيرة مرور أو دخول.
هناك بالطبع بعض العوائق التي تقف حائلا في تطبيق السياسة “الموحدة” لإدارة المخاطر الخاصة بمكافحة جريمة غسل الأموال، ومن أهم هذه العوائق وجود بعض القوانين المحلية التي تنص على “سرية المعلومات المصرفية” والمناداة بعدم كشف المعلومات المصرفية لخصوصيتها. واعترافا منها بأهمية إزالة العقبات، قامت “لجنة بازل” بمطالبة الدول بإعادة النظر في قوانين “سرية المعلومات المصرفية” وبطريقة تحفظ الحقوق القانونية ولا تسمح للمجرمين باستخدام ستار “السرية المصرفية” كمنطلق لأعمالهم. 
واستجابة لهذه المطالبة قامت دول عدة بتعديل قوانينها لتحقيق الموازنة المتكافئة بين حقوق العملاء وفي نفس الوقت قفل الباب تماما أمام من يريد الانتفاع من السرية. وتوجيهات “لجنة بازل” تعتبر مكملة للتوصيات التي أصدرتها (فاتف) في 1989 لمحاربة غسل الأموال، وما تبعها في 2001 من توصيات إضافية مكملة خاصة بمحاربة تمويل الإرهاب، وهذه النشاطات المكثفة تصب في بوتقة واحدة هدفها الأول توحيد الجهود للوقوف سويا وبقلب واحد ضد جريمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. 
وعلى البنوك المركزية وانسجاما مع توجيهات “لجنة بازل”، الاستمرار في توجهاتها الحثيثة ومواصلة وضع كل الضوابط التي تؤهلها لتوجيه ومراقبة ما تقوم به البنوك وبصفة دائمة ومتكاملة وروتينية حتى يتم قفل هذه المنافذ في وجه الإجرام. ولا بد من قفل أبواب القطاع المصرفي في وجه هذه الجريمة، حتى تعود للصناعة المصرفية رونقها وريادتها في قيادة زمام الحركة التجارية والاقتصادية وخدمة المجتمع على أفضل وجه. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية