البث اليومي للمشاعر السامة يحيط بنا من كل جانب، كثرة النقد، والتشويه، والطعن.. تدفقٌ غزير لهذه المشاعر يفتك بالكثيرين من مدمني متابعة هذه المواد في مختلف وسائل التواصل، وفي بعض الحالات يكون التحليل العميق للأمور، ومحاولة تفسيرها، وتفكيكها وإعادة رسمها، ومحاولة الإلمام بجوانبها أمرًا يجلب التعاسة والحزن، ولا أزال أذكر البروفيسور “راسم الجمَّال” أحد أفضل المحاضرين الزائرين في جامعة البحرين، والمتخصصين في الإعلام ومناهج البحث والتخطيط الاستراتيجي - وقبل أكثر من عقد من الزمان - كان يكرر بيتًا للمتنبي: “ذو العقل يشقى بالنعيمِ بعقلِهِ وأخو الجهالةِ في الشقاوةِ ينعمُ!”.
يشير البروفيسور بذلك إلى أن هذه العملية تنطوي على فقدان الراحة العقلية، والدخول في ماراثون الشقاء التحليلي! فإن كنت من المستمتعين بهذا النوع من الشقاء، أو أنه مجال عملك، فهذا قدَرُك، وإلا فإن الحل في أخذ الأمور بشكل واقعي، فالحياة ليست مثالية، وبها من الشقاء ما يكفيك عن أن تضيف إليها شقاء التحليلات والتفسيرات، فعلينا أن نكون مستعدين لحدوث الأشياء غير المنصفة دائمًا، فنحاول أن نغير ما يمكن تغييره، ونُجَوِّد الواقعَ بالنظرة الإيجابية، فالله يعلمُ وأنتم لا تعلمون.
فلا تقسو على نفسك، فرحمة الله واسعة، وحكمته بالغة، خذ الأمور كلها على محمل الخير، وتحرر من السلبية وتطهر منها، وتذكر دائمًا أن تقوم بالشيء الصحيح الصائب، وتقبل تغيُّر الواقع والحال، فدوام الحال من المحال، حتى البشر يتغيرون، فذلك أمر وارد، فكن دائمًا صاحب رأي، ولا تتبع الغالبية السلبية إذا وجدتها على خطأ، استفتِ قلبك دائماً، فالإثم ما حاك في النفس، لا تجامل صديقًا على حساب قناعاتك الذاتية، ولا تجري خلف القصص التي تسعدك وتسير حسَب هواك، وخذ حذرك من الشائعات المنتشرة، فـ “كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع”، وتذكر أن هناك من يستفيد من إطلاق الشائعات، فبعضهم لا يدّخر وسعا في الإضرار ببلادنا والنيل منها بكل صورة وفي كل موقف، فكن قبرًا تُدفَن فيه هذه الشائعات، حتى لا تصبح نصيرا لأعداء وطنك، بل قدّم أفكارا تبني واقعك، وتصلح مستقبل الأجيال القادمة، وتحرر من الشر الذي بداخلك وازرع الخير كل يوم.