توقع تسديد نسبة كبيرة من الدين العام خلال 4 إلى 5 أعوام
العبيدلي: انعكاسات النمو الاقتصادي المحلي تساهم في رفع مستوى المعيشة للمواطن
المملكة بدأت تسترجع زخم الأنشطة الاقتصادية بعد تأثرها بالأزمات العالمية
6.9 % النمو الاقتصادي للبحرين خلال الربع الثاني من العام الجاري
921 مليون دولار قيمة الاستثمارات الأجنبية المستقطبة
إطلاق نسخة محدثة من برنامج التوازن المالي في العام 2021
أكد رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية عمر العبيدلي أن انعكاسات النمو الاقتصادي المحلي في الربع الثاني من العام الجاري تساهم في خلق فرص عمل جديدة، وتوظيف مزيد من العمالة، وتساهم في رفع مستوى المعيشة لدى المواطن البحريني بشكل مباشر أو غير مباشر.
وأفاد العبيدلي، في برنامج صحيفة “البلاد” الأسبوعي “البحرين في أرقام”، أن من المتوقع ارتفاع مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد المحلي حتى نهاية العام الجاري بسبب اعتدال الطقس وتحسن الأجواء ووجود عدد من المشروعات السياحية الجديدة في مملكة البحرين، وستكون مساهمة القطاع السياحي أفضل، ما سينعكس إيجابا على الاقتصاد وعلى وتيرة النمو، معربًا عن أمله باستمرار حالة النمو في الاقتصادات المجاورة، لأنها من أهم العوامل المشجعة للسياحة في مملكة البحرين.
وركزت حلقة برنامج “البحرين في أرقام” الذي يبث مباشرة من قاعة التداول في بورصة البحرين على تقرير الأداء الاقتصادي للربع الثاني وانعكاسات ذلك على الحياة الاقتصادية والاجتماعية، إذ بلغ النمو الاقتصادي لمملكة البحرين خلال الربع الثاني من العام الجاري 6.9 % ويعد الأعلى منذ العام 2011.
وعن قراءته لتأثيرات النمو الاقتصادي الذي بلغ 6.9 % مدفوعًا بالقطاع غير النفطي على الحياة الاجتماعية وكيفية ملامسته لحياة الأسرة البحرينية، رجح العبيدلي شعور الأسرة البحرينية بهذا التحسن في الأداء بشكل أكبر مما كان عليه في السابق، مبينًا أن ذلك بسبب ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الذي يعكس ارتفاع النشاط الاقتصادي عمومًا، وهذا الأمر سيظهر في فرص العمل الجديدة التي ستخلق عندما ينمو الاقتصاد، مستدلا على ذلك بمثال “في حال حدوث ارتفاع بالحركة التجارية فإنه للاستجابة لهذا الارتفاع في الطلب فإن التاجر أو المكاتب بحاجة لتوظيف مزيد من العمالة لأجل سد الثغرة في الإنتاج. إضافة إلى خلق فرص العمل أيضا نرى تحسنًا في الميزانية العامة للدولة، ما يعني تراجعا في حاجة الحكومة لفرض ضرائب أو رفع ضرائب، وأيضًا تراجعا في حاجة الحكومة لخفض الإنفاق لأجل موازنة الميزانية العامة، وجميع هذه التغيرات تساهم في رفع مستوى المعيشة لدى المواطن البحريني بشكل مباشر أو غير مباشر”.
مساهمة القطاعات غير النفطية
وبسؤاله عن النمو المحقق الذي كان مدفوعًا بدعم من القطاعات غير النفطية مثل قطاع الفنادق والمطاعم، الذي كان مساهمًا كبيرًا في الدفع نحو النمو، وتوقعاته بدخول مرحلة جديدة من مساهمة القطاعات غير النفطية في الدخل القومي للمملكة، أجاب العبيدلي أن ذلك لا يمثل تغييرًا جذريًا، مبينًا أن ما حدث هو استئناف الحالة التي كانت تمر فيها المملكة قبل جائحة كورونا، موضحًا أنه عند مقارنة الاقتصاد البحريني بعدد من الاقتصادات الأخرى في الإقليم، نجد أن الاقتصاد البحريني يعتبر منوعًا ويتسم بعدد من الأنشطة غير النفطية التي تساهم بشكل فعال في الاقتصاد.
ولفت إلى أنه خلال جائحة كورونا تضررت القطاعات غير النفطية وعلى رأسها قطاع السياحة وقطاع الفنادق وقطاع المطاعم بسبب أولا القيود المحلية وثانيا والأهم هو العوائق أمام السفر الدولي وقدرة البحرين على استقبال ضيوف من خارج البحرين.
وأكد أن النمو المحقق هو نتيجة أن العالم ينظر في استرجاع وتيرة السفر التي كانت موجودة قبل الجائحة، وفي حالة البحرين يعني ارتفاعا ملحوظا في الأنشطة السياحية في المطاعم والفنادق وغيرها.
التأثر بحركة الاقتصاد العالمي
وعن قراءته للنمو الاقتصادي خلال الربع الثاني من العام الجاري والذي يعد الأسرع منذ 11 عاما وتأثيراته على الاقتصاد الدولي وإمكان الاستمرار على هذه الوتيرة، أوضح العبيدلي أن الاقتصاد البحريني كونه اقتصادا صغيرًا على الصعيد الدولي فإنه يتأثر بشكل كبير بحركة الاقتصاد العالمي، في حين أن الاقتصاد الأميركي أو الاقتصاد الصيني على سبيل المثال محصن وشبه مستقل، مشيرًا إلى أن الاقتصاد البحريني يتأثر ويعتمد اعتمادًا كبيرًا على الحركة الاقتصادية في العالم.
وأوضح أنه منذ العام 2011 فإن المنطقة ودول العالم عمومًا مرت بعدد من الأزمات والاضطرابات الاقتصادية، ففي العام 2011 كانت ما تزال بقايا الأزمة المالية العالمية التي حلت في العامين 2007 و2008، وفي العام 2014 حدثت أزمة تراجع أسعار النفط التي ضربت الدول المصدرة للنفط ومن بينها البحرين، وفي العام 2020 لم تكن الدول المصدرة للنفط قد تجاوزت تراجع أسعار النفط وحدثت جائحة كورونا، وفي العام 2019 حدثت اضطرابات في الخليج العربي بسبب الهجومات الإرهابية على السفن والخطوط الملاحية، وما يزال الاقتصاد الصيني متضررًا بشكل كبير من الجائحة، وأيضًا الاقتصاد الأميركي الآن متضرر من موجة تضخم الأسعار الاستهلاكية، وهذه الاضطرابات أثرت على نمو الاقتصاد البحريني بشكل كبير خلال الفترة من العام 2011 إلى يومنا الراهن، ولكن بسبب نجاح السياسات الصحية في مملكة البحرين في فترة كورونا، بدأت المملكة الآن تسترجع الأنشطة الاقتصادية التي حرمنا منها في تلك الفترة، وهذا أحد أهم أسباب تحقيق هذه المستويات القياسية.
وذكر أن هنالك تساؤلات عن إمكان استمرار تحقيق نمو اقتصادي على غرار النمو الذي تم تحقيقه في الربع الثاني من العام الجاري، نظرًا لأن الاقتصاد الدولي ما يزال في حالة اضطرابات، متوقعًا أنه على الأرجح أن يتراجع النمو قليلا بسبب أن البنك المركزي الأميركي رفع أسعار الفائدة وهذا سيؤثر سلبًا على النمو الاقتصاد الدولي، كما لا تزال الصين تواجه صعوبات في التعامل مع جائحة كورونا.
استقطاب استثمارات أجنبية بـ 921 مليون دولار
وعن إعلان مجلس التنمية الاقتصادية استقطاب استثمارات أجنبية بلغت 921 مليون دولار ودورها في خلق الفرص وتحقيق النمو لمملكة البحرين، أوضح رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية أن هنالك قناتين رئيستين تربطان جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بخلق فرص العمل محليًا، الأولى أن الشركات عندما تفتح مكاتب وتضخ رؤوس أموال إلى مملكة البحرين، هذه الأموال وهذه الأنشطة الاقتصادية تستدعي توظيف عمالة لأجل تحريك الشركات والمؤسسات التي يتم الاستثمار فيها، على سبيل المثال، إذا فتحت شركة أوريو مصنعا لبسكويت أوريو كما حصل قبل عدد من السنوات، فإنه يجب أن يعمل عدد من الموظفين في هذا المصنع وبالتالي يتم التوظيف مباشرة.
وأضاف أن القناة الثانية التي قد تكون القناة الأهم على المدى الطويل، هي نقل المعرفة والخبرات بين الشركات الدولية التي تستثمر في الاقتصاد، خصوصًا أن هذه الشركات تكون شركات متطورة ومتقدمة تتسم بأحدث التكنولوجيات سواء على الصعيد التقني أو التكنولوجيا والمفاهيم الإدارية، فلدى فتح مكتب في دولة مثل البحرين فإنها تتيح فرصة للعمالة المحلية سواء على مستوى مدير تنفيذي أو رئيس تنفيذي أو مستوى موظف عادي للاستفادة من هذه الخبرات، وأن تنقل المعرفة من المؤسسة الأم إلى المؤسسة المحلية، ما يمكن العمالة من الارتقاء أولا في عملهم وثانيًا على المدى الطويل إنشاء وإطلاق مشروعات خاصة بهم بناء على هذه الخبرات، وهذا ما شهدناه في مملكة البحرين خلال آخر 20 عامًا من استقطاب الاستثمارات الأجنبية.
استرجاع حالة الاستدامة الكاملة
وعن قراءته للتدابير الحكومية في الفترة المقبلة خصوصًا أن هذه التدابير خلال فترة جائحة كورونا قد تكون سبب تحقيق النمو الاقتصادي، أوضح العبيدلي أن الأولوية هي تحقيق توازن في الميزانية العامة لمملكة البحرين بأسرع وقت ممكن، مبينًا أن البحرين بسبب الأزمات التي ذكرتها آنفا، شهدت ارتفاعًا كبيرًا في الدين العام في آخر 15 سنة، وعلى المدى الطويل هذا الأمر غير قابل للاستدامة، حيث إن الحركة الاقتصادية المحلية تعتمد على وجود خطة قابلة للاستدامة للميزانية العامة، وقد أدركت الحكومة ذلك، وفي العام 2018 أطلقت برنامج التوازن المالي، واستدعت فترة الجائحة إعادة تخطيط بعض تفاصيل الخطة وأطلقت نسخة محدثة من برنامج التوازن المالي في العام 2021، وتمكنت البحرين في النصف الأول من العام 2022 من تحقيق فائض في الميزانية العامة، لكن ما يزال هناك مشوار طويل لاسترجاع حالة الاستدامة الكاملة، متوقعًا أن تكون هذه النقطة التي تركز عليها الحكومة في الفترة المقبلة.
ولفت إلى أنه تم تحقيق حالة من التوازن في الميزانية المالية، وتحقيق فائض في الميزانية، ولكن الهدف هو تسديد الدين العام، متوقعًا أنه في حال استمرار ارتفاع أسعار النفط ونمو الاقتصاد المحلي فإنه سيتم خلال 3 إلى 4 سنوات القضاء على نسبة كبيرة من الدين الذي تعاني منه المملكة، لكنه أكد صعوبة التنبؤ بهذا الجانب خصوصًا أن الكثير من العوامل التي تحقق النجاح وعلى رأسها أسعار النفط هي خارج تحكم البحرين وتتعرض لتقلبات وحالة انعدام يقين.
التوقعات بحجم النمو الاقتصادي حتى نهاية العام
وعن توقعاته لحجم النمو الاقتصادي حتى نهاية العام مقارنة بالعام الماضي والقطاعات التي ستقود النمو هل ستكون نفطية أو غير نفطية، أوضح العبيدلي أن قطاع النفط يؤثر بطريقتين على الاقتصاد المحلي، أولا على الإنتاج نفسه وثانيًا على الأسعار والمدخول، وإذا نظرنا إلى الإنتاج فإن الحقول الأساسية لمملكة البحرين هي حقل جبل الدخان وحقل أبوسعفة المشترك مع السعودية، مستبعدًا ارتفاع الإنتاج في الحقلين، لافتا إلى أن مملكة البحرين عملت في آخر 4 إلى 5 سنوات على مشروع حقل خليج البحرين ولم تظهر إلى الآن تفاصيل عنه، ولكن ربما خلال الستة أشهر المقبلة تصدر معلومات إيجابية عن تطوير مشروعات جديدة، خصوصًا أن هنالك جهودا استكشافية في النفط وهنالك مساعي لتفعيلها.
وأشار إلى تراجع أسعار النفط خلال آخر أسبوعين بسبب المخاوف من اضطرابات في الاقتصاد الدولي، ولكن هناك احتمال لتجاوز هذه المرحلة، وفي حال تم القضاء على التضخم والأسعار الاستهلاكية في أميركا وبريطانيا والاقتصادات الدولية، قد يحصل ذلك خلال شهر أو شهرين، قد تسترجع وتيرة النمو في الاقتصاد العالمي الذي سينعكس على أسعار النفط ومن ثم الاقتصاد المحلي.
ولفت إلى إمكان مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد المحلي حتى نهاية العام الجاري، وذلك مع اعتدال الطقس وتحسن الأجواء، وبوجود عدد من المشروعات السياحية الجديدة في مملكة البحرين ستكون المساهمة لهذا القطاع أفضل، وهذا سينعكس إيجابا على الاقتصاد وعلى وتيرة النمو، معربًا عن أمله باستمرار حالة النمو في الاقتصادات المجاورة، لأنها من أهم العوامل المشجعة على السياحة في مملكة البحرين.