العدد 5089
الثلاثاء 20 سبتمبر 2022
banner
ليكن تنشيط سوق الأوراق المالية ضمن أولويات طموحاتنا
الثلاثاء 20 سبتمبر 2022

تشكل أسواق الأوراق المالية في معظم دول العالم أحد أهم أعمدة النشاط الاقتصادي. تعتبر أسواق الأوراق المالية أو ما تسمى في اللغة العربية الحديثة بالبورصات مكان طبيعي أو افتراضي يتم فيه التداول غالبا من خلال مكاتب الوسطاء في أسهم الشركات والأذونات التي يمكننا تعريفها بأنها السندات ذات الاستحقاق القصير الأمد في مدة أقصاها سنة واحدة والسندات المتوسطة والطويلة الأجل بالإضافة إلى أدوات مالية أخرى. السبب الرئيس لأهمية البورصة في بلد ما هو دورها في خلق سوق لعدد من الشركات الصغيرة والكبيرة والعمل على إدراج شركات جديدة أو الإصدارات الأولية لسندات حكومية أو خاصة. وينتج من هذا التداول تدوير السيولة المالية وخلق وظائف لهذا التخصص وانتقال الثروة من قطاع اقتصادي إلى آخر أو من بلد إلى آخر. وللتوضيح يحصل انتقال الثرة عندما يبيع مستثمر أو مساهم ملكيته في قطاع كالقطاع الصناعي ويشتري أسهما في القطاع المالي أو قد يبيع المساهم ملكيته في بلد ما ويشتري أسهما في بلد آخر. ومن الطبيعي أن يكون الهدف الرئيس من هذه المعاملات في الأسهم أو السندات أو الأدوات المالية الأخرى هو تحقيق الأرباح، وهذا بحد ذاته يحقق زيادة في النشاط الاقتصادي. 
ولقد تطورت البورصات في كثير من البلدان خلال فترة العشرين سنة الماضية، وبالتأكيد فإن التكنولوجيا والتكنولوجيا المالية والرقمنة هي بين أهم العوامل التي أسهمت في هذا التطور والذي نتج عنه توفر خدمة التداول لعدد أكبر من المستثمرين صغارا وكبارا من مختلف المناطق الجغرافية وعلى مدار الساعة، مستهدفة حاملي أجهزة الاتصالات الذكية وبالأخص بين جيل الشباب الذين يملكون معرفة عالية بتطبيقات التداول المتوفرة من قبل عدد كبير من البنوك والشركات التي أنشئت لهذا الغرض.
 ويتم التداول في البورصة عبر عرض سعر شراء وسعر بيع، كما يوجد مؤشر أو أكثر للسوق ككل أو لقطاع معين في البورصة. إن مقياس نجاح البورصة لا يكون بحجمها فقط بل بعدد وقيمة الصفقات اليومية التي تتم من خلالها. وقد يتساءل البعض عن الطرف المسؤول عن تحديد سعر الشراء والبيع والجواب على هذا السؤال هو السوق نفسه، فهو من يحدد السعر مستندا على المعلومات المتوفرة، أذكر هنا عددا منها مثل أداء هذه الشركات وبياناتها المالية أو مستوى السيولة في السوق أو تحركات أسعار الفائدة أو إدراج شركات جديدة أو عمليات الاستحواذ والاندماج بين الشركات المدرجة أو الاداء الاقتصادي للبلد المعني ونسبة التضخم ونسبة البطالة والنمو الاقتصادي بالأخص ما يندرج تحت بند المشاريع والاستثمار من قبل الدولة. لم أذكر جميع العوامل التي تؤثر على سعر الشراء والبيع هنا إلا أنني ذكرت معظمها. وما تجدر الإشارة إليه هنا هو ضرورة أن تكون الإفصاحات لهذه المعلومات على درجة عالية من الشفافية والدقة حول أداء الشركات المدرجة وضرورة الإفصاح عنها عند حدوثها، بالإضافة لتوفر إفصاحات دقيقة عن المؤشرات الاقتصادية الداخلية والخارجية بصفة دورية. 
لنتحدث قليلا عن سوق البحرين للاوراق المالية والتي تأسست في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، والتي أصبحت شركة خاصة مملوكة من قبل الدولة. وتعد هذه الشركة جزء من منظومة النشاط الاقتصادي والذي يحظى بدعم لامحدود من قبل القيادة الرشيدة. طبعا طموحاتنا تتمثل في أن يرتقي دور هذه البورصة لتكون إحدى أعمدة النشاط الاقتصادي ومحرك رئيسي لجذب الاستثمار المحلي والأجنبي وتشجيع إدراج عدد أكبر من الشركات وخصوصًا شركات المساهمة العامة، حيث أن الشركات المقفلة والعائلية قد لا تخلق زيادة في عدد وقيمة الصفقات والذي هو الهدف المرجو. ومن المعروف فإن دول كثيرة تتجه نحو تحويل شركات حكومية بما فيها شركات البورصة إلى شركات مساهمة عامة عن طريق بيع نسبة منها قد تصل إلى 100 ٪ للقطاع الخاص. بالإضافة لخلق كوادر بحرينية مؤهلة لهذا النشاط، والعمل على كل ما قد يجذب المساهمين والمستثمرين الكبار والصغار بالأخص فئة الشباب والعمل على تطويع التكنولوجيا والتطبيقات الحديثة في أقرب فرصة لدعم عملية التطوير اللازم لهذا النشاط الاقتصادي الهام. وبالرغم من أن بورصة البحرين مؤهلة من ناحية القوانين واللوائح والأنظمة حيث أن هناك مساعٍ جادة لتحديثها وتطويرها، إلا أنها تفتقد العمق في السيولة، اذ يجب  على جميع الجهات المعنية وبالأخص في مجلس إدارة شركة بورصة البحرين، تكريس كافة الجهود لإضافة صناع السوق وإنشاء صناديق جديدة للسيولة وخلق أدوات مالية جديدة تسهم في زيادة التداول من حيث عدد الصفقات اليومية وقيمتها. إن أداء الشركات المدرجة يعد جيد بصورة عامة وبالرغم من كل التحديات الداخلية والخارجية إلا أنه لا ينعكس على أسعار الأسهم أو عدد الصفقات اليومية وقيمتها لعدم وجود صناع السوق والنقص في السيولة المطلوبة. إن تحقيق هذا المطلب يحتاج إلى تكاتف جهود عدة أطراف بالإضافة لشركة بورصة البحرين، متمنيا لهذه الجهود أن تكلل بالتوفيق والنجاح.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .