يُمثل العمل الإنساني صورة من صور الإخاء والتراحم، وهو إنفاق لا يضيع أجره بل يزداد في ميزان عمل مُنفقه، وقد حثت الأديان السماوية على العمل الإنساني دون تحقيق أي مكسب مادي من ورائه، وقصده ابتغاء وجه الله تعالى. والعمل الخيري التطوعي الإنساني ينطلق من القريب إلى مداه الإنساني البعيد وينال من خيره الفقراء والمساكين والمحتاجون دون استثناء.
وفعل الخير من الصفات المحمودة لأهل البحرين منذُ القِدم، وصفحات تاريخ البحرين مشرقة ومليئة بمداد العطاء من أهل الجود والكرم، مستهدين بذلك بهدي القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد أرسى الآباء والأجداد سُنة تبني الخير ونشره للعناية بالإنسان وتهيئة سُبل الحياة الكريمة له، ويُمثل الإنفاق اعترافًا بفضل الله ونعمته على عباده وتأدية لشكره، وما الإنسان إلا أداة لتسخير نعمة الله على أرضه تحقيقًا لمقاصد الشريعة ونشرها بين الناس، فجغرافية العمل الإنساني عالمية حيث انتقل العمل الإنساني وخيره من البحرين إلى الكثير من الدول والشعوب التي احتاجت إلى الطعام والمأوى والماء واللباس والدواء، لا يسألون في ذلك شكرًا ولا مكافأة مقابل ما يفعلون وينفقون.
يُؤمن أهل البحرين وجميع مؤسساتها الخيرية بأن العمل الإنساني من حقوق الأخوة الواحدة بين البشر، ومن لوازم هذه الأخوة واجب الإنفاق على الآخرين وتلبية ما يحتاجون إليه، كما أن هذا الإنفاق يُحقق الشراكة في المال ــ الذي هو مال الله ــ وقد حققت البحرين وشعبها وجمعياتها الخيرية هذا المبدأ حينما همت ووقفت مع حوائج الدول والشعوب الأخرى أثناء حدوث الكوارث الطبيعية والصحية والحياتية المختلفة، فقدمت هذه البلاد الصغيرة والكبيرة بأفعالها ما تيسر لديها لتلك الدول، لتجسد بذلك أسمى معاني البِر والتعاون والتقوى لتحقيق مقاصد الفعل الإنساني.
يتجلى إيمان البحرين بالعمل الإنساني بما تقوم به مؤسسات الخير والعطاء المنتشرة في أرجاء البلاد وهي كثيرة ولله الحمد، كالجمعيات الخيرية في كل المدن والقرى، والمؤسسة الملكية الخيرية، بجانب فوج لا عد له من أيدي الخير والعطاء، فبعطاء هؤلاء جميعا يسكن ألم من جاع، مدركين أن “الصدقة تطفئ غضب الرب”، ومؤمنين بأن الإنسان لا يعيش لذاته فقط، بل يعيش لنفسه وأهله ووطنه وأمته والعالم أجمع.