حمى الفوضى السياسية تضرب إقليم كردستان
الشارع العراقي ساحة استعراض للقوة
حول زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمس الجمعة الشارع العراقي خصوصا في العاصمة بغداد، إلى ساحة استعراض قوة في رسائل موجه لخصومه من الإطار التنسيقي الذي نظم بدوره مسيرات لإظهار أنه يحظى بدعم واسع.
واحتكم طرفا الأزمة في العراق للشارع بينما يتصاعد التوتر في بلد تتنازع فيه قوى شيعية من أجل الحكم، فيما تسود مخاوف من تحول النزاع على السلطة إلى صدام مسلح مع امتلاك كل طرف لميليشيات مدججة بالسلاح.
وأدى الآلاف من أتباع مقتدى الصدر صلاة الجمعة خارج البرلمان في بغداد في استعراض عضلات سياسية وشعبية لرجل الدين الشيعي القوي الذي دعا القضاء العراقي إلى حل البرلمان بحلول نهاية الأسبوع المقبل. ويحتل أنصار الصدر البرلمان العراقي منذ يوليو بعد جمود سياسي استمر 10 أشهر عقب انتخابات أكتوبر الماضي. وكان الصدر هو الفائز الأكبر في الانتخابات لكنه فشل في تشكيل حكومة خالية من الأحزاب المدعومة من إيران. وسحب الصدر نوابه من البرلمان ويمنعهم الآن من انتخاب حكومة جديدة ويطالب بإجراء انتخابات مبكرة. وقال رجل الدين الشيعي النافذ يوم الأربعاء الماضي إنه يتعين على القضاء حل البرلمان بحلول نهاية الأسبوع المقبل، مضيفا دون الخوض في تفاصيل أنه إذا لم يحدث ذلك فسيتخذ الثوار موقفا آخر. واحتشد الآلاف من أنصار الصدر خارج البرلمان لإقامة صلاة الجمعة هناك. وكان معظمهم يرتدي ملابس سوداء خاصة بشهر محرم فيما وضع آخرون أردية بيضاء على أكتافهم ترمز إلى الأكفان واستعدادهم للموت.
وقال إمام للمصلين وهو يقف على منصة حمراء أقيمت خارج البرلمان، إن العراق لن ينكسر ما دام الصدر موجودا وإنه لا عودة عن هذه الثورة وإن الشعب لن يتنازل عن مطالبه. وفي ظل حرارة الصيف القائظة، شق رجال طريقهم بين المصلين ورشوهم بالماء البارد. وحمل البعض صورا للصدر ووالده، وهو أيضا رجل دين بارز، كما حملوا الأعلام العراقية. وقال محمد علوان (40 عاما) وهو يحمل صورة للصدر “لقد ثرنا ولا مجال للتراجع”. وقال حميد حسين، وهو أب لـ 5 أطفال، “أنا هنا لأدعو إلى انتخابات مبكرة والتأكد من استبعاد كل الوجوه الفاسدة من الانتخابات المقبلة... أصبحت عاطلا عن العمل بسبب الأحزاب الفاسدة”.
كما يوجه معارضو الصدر اتهامات له بالفساد. ويقولون إن الموالين له يديرون بعض أكثر الإدارات الحكومية فسادا واختلالا في العراق.
ويأتي ذلك بينما بدأت الجماعات السياسية المتحالفة مع إيران تنظيم مظاهراتها الخاصة في وهي الأحدث في سلسلة من الاحتجاجات والاحتجاجات المضادة في الأيام الماضية أدت إلى مخاوف من حدوث اضطرابات. وأغلقت قوات الأمن العراقية في المنطقة الخضراء في وسط العاصمة بغداد، يوم الجمعة، الجسر المعلق وبعض الطرق. وجاءت الخطوة لمنع حدوث اشتباكات بين متظاهري “التيار الصدري” وأنصار “الإطار التنسيقي” وفقا لشبكة “رووداو”. ويقدر الصدر أنصاره بالملايين وقد أظهر أنه لا يزال بإمكانه حشد تجمعات لمئات الآلاف من مؤيديه، معظمهم شيعة من الطبقة العاملة، إذا احتاج إلى ممارسة ضغوط سياسية. ومع ذلك، فإن خصومه الجدد قادة شيعة آخرون وأحزاب متحالفة في الغالب مع إيران، إذ يقدم الصدر نفسه على أنه وطني يرفض التدخل الأجنبي. وهذه الجماعات، مثلها مثل الصدر، مدعومة بفصائل مسلحة، لكنها لا تملك نفس تأثير رجل الدين الشيعي على جموع أتباعه المتعصبين.
الفوضى تضرب إقليم كردستان
بعد أن كان معروفا باستقراره في بلد يعاني من فوضى شاملة، يبدو أن سياق الاحتقان السياسي الذي يسود العراق ألقى بظلاله على إقليم كردستان. ويكشف استخدام القوة لتفريق مظاهرة مناوئة لسلطة الإقليم واعتقال برلمانيين من حركة معارضة عن التوتر السائد داخل السلطات المحلية.
وخلال الأيام الأخيرة، يبدو أن حمى الفوضى والتجاذب السياسي في العراق، منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2021، أصابت الإقليم المتمتع بحكم ذاتي، إذ تم تنظيم مظاهرات مناهضة للسلطة السبت 6 أغسطس في أهم مدن الإقليم، لكنها تعرضت للتفريق بالقوة باستخدام الرصاص المطاطي وعبوات الغاز المسيل للدموع التي أطلقتها قوات الأمن، خصوصا في مدينة السليمانية.
وتم اعتقال 6 نواب عن الإقليم ونائب منتخب محليا قبل أن يتم إطلاق سراحهم بعد بضع ساعات. وينتمي كل هؤلاء المعتقلين إلى حركة “الجيل الجديد”، وهو حزب معارض يترأسه رجل الأعمال شاسوار عبد الواحد الذي دعا للتظاهر للمطالبة بتحسين ظروف العيش وإجراء انتخابات محلية في موعدها المقرر. وحسب هذه الحركة، تم اعتقال أربعين من أعضائها من مجمل 600 شخص تعرضوا للإيقاف.
إلى ذلك، تم “استهداف ما لا يقل عن 60 صحافيا من قبل قوات الأمن” خلال هذه المظاهرات، وفق أرقام منظمة “مراسلون بلا حدود” غير الحكومية. ومن مجمل 26 صحافيا تم اعتقالهم ينتمي 10 لقناة “إن آر تي” التي يملكها شاسوان عبد الواحد، كما يشير بيان لنفس المنظمة نشر في 9 أغسطس.
وأدت هذه الأحداث، التي تكشف عن توتر وسط السلطات الكردية التي يتقاسمها التشكيلان السياسيان التاريخيان: الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، إلى ردود فعل منددة وسط الشركاء الغربيين للإقليم المتمتع بالحكم الذاتي.