العدد 5038
الأحد 31 يوليو 2022
banner
عندما تصبح الدعاية خيرا من العلاج
الأحد 31 يوليو 2022

الدِعاية “بكسر الدال” هي بمعنى الدعوة إلى مذهب أو فضيلة، أو الترويج لكل ما يستوجب النشر والإعلان بطرق الترويج المختلفة، أما في وقتنا الحاضر فتُستخدم الدِعاية في الترويج للسلع بشكل أساسي، وللكاسد منها بمعنى أدق، فكلما قل الإقبال على بعض السلع والمنتجات بسبب عدم جدوى منفعتها أو بالأحرى اكتشاف مساوئها وضررها، كلما لجأ أصحابها للترويج لها عبر شتى وسائل التواصل الاجتماعي، والمرئي منها (الفيديو) خصوصا، فبدلاً من أن يقوم البائع بتحسين نوعية السلعة وجدوى منفعتها أو تخفيض قيمتها كنوع من الحل والعلاج، يلجأ إلى لعبة الدِعاية عبر أرباب تزييف الحقائق، وذلك من أجل حفنة من المال.
كم من أناس وقعوا ضحية هذه الدعايات المشبوهة، بل الكثير من النساء وقع عليهن الضرر جراء شرائهن بعض المنتجات المجهولة، أو أخذ العلاجات المشبوهة عبر هذه الدعايات الرخيصة، وتبين لهن بعد فوات الأوان أنها مغشوشة، فالمتضرر هو المستهلك المسكين، بينما يخرج منها المُعلِن والمُعلَن له فائزاً بغنيمته، وبكل أسف وجد هؤلاء المروجون ضالتهم في مجانين “السوشال ميديا” من الذين يلهثون وراء كل ناعق ويتابعون كل ساقط.
الأعجب من ذلك هو خروج بعض المشاهير ممن يسمون بـ “الفشنيستات” على الساحة للترويج عن أنفسهن عبر السفرات المدفوعة والفنادق المحجوزة، وكأني بهن يملكن السعادة ذاتها، لكنها في حقيقة الأمر محاولة بائسة لعلاج نقص فاضح وتناقض كامن عبر هذه الدعايات المشبوهة التي لا يمكن كشفها في اللقطات المبتورة والأخبار المكذوبة، يعشن في ترف وثراء دون أدنى جهد سوى أنهن يقتتن على عقول وجيوب المتابعين لهن من سقط المتاع.
الوقاية خير من العلاج، حكمة كادت تفقد صلاحيتها في زمن انقلاب الموازين، فلم يعد الناس يكترثون كثيرا بوسائل الوقاية، بل ينتظرون حتى يقع الفأس في الرأس ثم يتباكون ويستعطفون العلاج.
قليل من الحكمة والروية قبل الجري خلف أبطال “الكيبورد” من الذين يرفعون الوضيع ويزينون القبيح ويمدحون الشنيع، تراهم تارةً ينثرون الورد على أكوام الركام، وتارةً يُخرجون البالي من وسط الزحام، فقصصهم بالزيف محبوكة وشهادتهم في الترويج مجروحة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .