العدد 5038
الأحد 31 يوليو 2022
banner
أحمد جمعة.. البعيد عن الأضواء والفلك المشحون بالإبداع
الأحد 31 يوليو 2022

ثمة روايات عظيمة تظهر في عالم الأدب من غير ضجة أو دعاية أو استعلاء، لأنها تحمل من سمات صاحبها البساطة التي يتميز بها، وفيها العمق بعيد الغور، والتواضع الذي يلقى به الناس صغيرهم وكبيرهم، فيقر بهم إلى نفسه، ويلصقهم بروحه، ويعلقهم بأدبه وفنه.
لست أدري حين أقرأ للكاتب الزميل أحمد جمعة، أهو فيلسوف يتناول كتابة القصة بنظراته العميقة وتأملاته الدقيقة، أم هو شاعر على الرغم من أنه يقول إن لسانه لم ينضح قط بقصيدة، يتناول القصة بأسلوب ساحر جذاب، والحقيقة التي لا مراء فيها أن الزميل أحمد جمعة يغلف طابع الحياة بالروعة، فهو أديب، وشاعر، وفيلسوف، تجتمع فيه كل هذه المواهب على الرغم من محاولته إنكار ذلك كله ببساطته المعهودة وبأسلوبه الفريد المتميز وتواضعه الجم مع محدثيه ومريديه، وما أكثرهم ولكن للأسف من الخارج وليس هنا.. نعم هذه هي الحقيقة التي تأتينا من كل فج بعيد، فروايات أحمد جمعة يحتفى بها في الخارج في أبهى صورة، ويتناولها بالبحث والنقد فطاحل الكتاب العرب، ويعانقون كلماته عناق ساحر آسر، بينما هنا لا أحد يعرف عنها شيئا وكأن رواياته التي دخلت ونافست بقوة على جوائز عالمية أوراق متناثرة في دفقات تائهة تسبح في عالم غير محدد المعالم.
هنا.. في ساحتنا الأدبية لا أحد يعرف عن فخامة التركيب وجهارة اللفظ وحلاوة الجرس، والزهور الخالدة الرائعة الشبيهة بالمشاعل، في قصص وروايات زميلنا أحمد جمعة، وقدرته العجيبة على اللعب بالمشاعر والأحاسيس، فهو ينتقل بالقارئ بين صفحات رواياته من صور ساحرة ضاحكة إلى صور دامعة باكية، بينما في بقية العالم العربي يعدونه من فرسان الكلمة والجميع ينحني تحية وتقديرا لتجربته الروائية الرائدة ومنطلقه الأصيل.
قبل يومين دعوته لنزهة قصيرة، فرد علي برسالة “أنا اليوم في خلوة مع رواية جديدة لم أتحرر إلى الآن... لنؤجل نزهتنا”، ذلك هو الأديب البحريني أحمد جمعة، البعيد عن الأضواء، وكالفلك المشحون بالإبداع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .