العدد 5032
الإثنين 25 يوليو 2022
banner
الاستهانة باللغة العربية طالت كل شيء
الإثنين 25 يوليو 2022

الكلمة في كل صورها، هي التعبير عن الثقافة، وهي التحول إلى فعل، والكتاب واللوحة والنغم والتمثال والفيلم والمسرح والأثر المكتشف والتراث المحقق، كل ذلك يشكل الثقافة والهوية الوطنية التي يفترض التفاني في سبيل الدفاع عنها ومحاربة التهاون والتواكل والنفعية والتحلل الأخلاقي.
لقد انتشرت ظاهرة مخيفة في مجتمعنا، وهي ظاهرة إطلاق أسماء غربية على الكثير من المحلات التجارية، كالصالونات، والبرادات، ومحلات بيع الملابس، ومحلات الأدوات الكهربائية وغيرها الكثير من المحلات، حتى يخيل إليك وأنت تقرأ اللافتات المعلقة على واجهة تلك المحلات أنك تتجول في دولة غير عربية ذات عادات وأنماط سلوك مختلفة، وأن أصحابها نشأوا في أحضان الثقافة الغربية التي أثرت في أسلوب حياتهم.
للأسف هناك الكثير من الناس الذين يتوهمون فيما يتعلق باللغة العربية أنها عاجزة عن تزويدنا بالمفاهيم العصرية الجديدة، وهذا خطأ، بل خطأ شنيع، فتجد هؤلاء يتنكرون من جذورهم ويتحدثون أمام العامة وفي أحاديثهم اليومية المعتادة بلسان أعوج “كلمة بالعربي وخمس كلمات بالإنجليزي”، وهذا في تصورهم التطور والتمدن والثقافة العصرية والعقلية التي تواكب العصر الحديث في كل انطلاقاته.
ويتسلل إلى نفسك اليأس وتنكمش على نفسك من القهر عندما تستمع لثلاثة أو أربعة أصدقاء يتحدثون فيما بينهم باللغة الإنجليزية في مقهى أو في أي مكان عام، حيث ركبوا الموجة والاندفاع في التيار، وكذلك تجد الكثير من الشركات تتنكر إلى اللون المحلي وتتعامل مع الزبائن باستمارات مكتوبة باللغة الإنجليزية، وصدق الشاعر صلاح عبدالصبور عندما قال ذات يوم “نحن أمة عجيبة.. لا أظن أن هناك أمة تستهين بحاضرها ولغتها مثلنا”.
خذوا مثلا اليابان.. فقد اتجهت إلى التصنيع وأخذت بكل الوسائل المادية للحضارة الغربية، لكنها لم تتخل أبدا عن شخصيتها القومية، فاحتفظت بالحروف الخاصة للغة اليابانية، واحتفظت بالزي الياباني، واحتفظت بكثير من التقاليد والعادات اليابانية.
كل أمة تعبر عن شخصيتها بأفكارها ولغتها، وليس بلغة الآخرين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية