نشكر وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف على إطلاقها حملة توعية تابعة لمكتب قيد طلبات ترخيص جمع المال للأغراض الدينية “جمع التبرعات التزام ومسؤولية”، حيث حرصت القرارات الوطنية والاتفاقيات الدولية على تنظيم جمع الأموال ووضع الوسائل اللازمة لضمان عدم استغلالها في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
كل التجارب على صعيد التطبيق أثبتت أن الكثير من تلك التبرعات تذهب إلى غير محلها، وأصبح اللهث وراء لافتات عمل الخير مستفزا، ويحتاج إلى بحث وتحليل، والأمر في غاية الحساسية والمسؤولية.
تصلك رسائل نصية تفجر طاقات جماهيرية من الحماس والانفعال الديني، ثم تطلب منك التبرع إلى البلد الفلاني أو الجهة الفلانية مع قرب حلول شهر رمضان أو العيد أو أية مناسبة، ومؤخرا خرجت موجة جديدة في وسائل التواصل الاجتماعي أبطالها أصحاب الحسابات الذين وعن طريق الاستعارات السطحية ينشرون طلب مساعدة لأسرة محتاجة، ويطلبون من المتابعين إرسال المبلغ المتبرع به إلى حسابهم الشخصي على “البنفت”، ومع الأسف هناك من يرسل “المقسوم”، ويغرق في بحر الاستغفال رغم المحاذير التي تتنوع وتتعدد على صعيد التبرعات للأغراض الدينية.
وهناك أيضا عدد من الحسابات التي تضفي القدسية على مشروع حفر آبار الماء في الدول الفقيرة كصدقة جارية للميت، وقد كتبنا عن هذا الاستغلال والطاعة الخالصة والانقياد الأعمى أكثر من مرة، فبعد أن يرسل المتبرع أمواله من غير بحث تصله صورة “بنر” على “الواتساب” مكتوب عليه اسم المتوفى والتاريخ ومعلق على البئر، ويقف حوله ثلاثة أو أربعة أشخاص من تلك الدول. وليس هناك حاجب مانع لصورة الاستغلال الواضح هنا، فجميع “البنرات” متشابهة وحتى المنطقة.
لقد جاء الوقت لإنهاء حياكة قصة التبرعات الدينية الوهمية والمشبوهة، وهذه الحركة الغريبة على المجتمع، ودعاتها الذين يخططون وينفذون مآربهم بأيسر السبل، لأن الجميع كشف الغاية من تصميم هذه الفكرة.