العدد 5027
الأربعاء 20 يوليو 2022
banner
هل عاد بايدن بخفي حنين
الأربعاء 20 يوليو 2022


لربما كانت الشفافية والوضوح أبرز ما اتسمت به قمة جدة الأخيرة، ذلك ما تبين من خلال عنوان القمة "الأمن والتنمية" الذي يحمل دلالات واضحة تتركز في أن الأمن لابد أن يسبق التنمية، أي أنه لا يمكن تحقيق التنمية دون أن تحظى المنطقة بالأمن والاستقرار، كما أن كلمات القادة المباشرة والبيانات والتصريحات الدقيقة بشكل لا يقبل اللبس أو التأويل، إضافة لمخرجات القمة وما صاحبتها من مقابلات وبيانات لكبار المسؤولين، كانت كفيلة بأن ترسم لنا ملامح الفترة المقبلة وتضع لها خارطة طريق.
الرئيس الأميركي كان أول من أوضح عندما كتب مقالا في صحيفة الواشنطن بوست سرد وعلل من خلاله أسباب زيارته السعودية، وقد كانت من جملة تلك الأسباب مواجهة الخطر الإيراني والدفع تجاه تشكيل حلف عربي - إسرائيلي عسكري لذلك الغرض، إضافة للحد من التوغل الروسي والصيني في المنطقة، وطبعاً الموضوع الأبرز الذي دفع بايدن لأن يشد رحاله للمملكة كان محاولة ضخ كميات أكبر من النفط في الأسواق العالمية لمواجهة شح مصادر الطاقة التي تسببت بها الحرب الروسية الأوكرانية.
ولي العهد السعودي كان واضحاً ومباشراً في كلمته التي ألقاها خلال القمة، والتي أوضح خلالها أن المملكة تفي بالتزاماتها خصوصاً تلك المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة، والتي تقتضي تقنين استخدام الطاقة، وهو ما لا يستقيم مع ضخ كميات أكبر من النفط، كما أن دعوته طهران للامتثال لقرارات الشرعية الدولية والتعاون مع وكالة الطاقة الذرية، باعتبارها دولة جارة، يضع النقاط على الحروف، فالرياض لا تثير العداء مع طهران، ولا تسعى للتصعيد العسكري، ذلك ما يمكن أن يبعث بهذه الرسالة في حال تشكيل أي حلف عسكري جديد أو ناتو عربي - إسرائيلي يستهدف التهديد الإيراني، ذلك ما أكده وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، عندما أكد أنه لم يتم التطرق لهذا الموضوع بتاتاً، فالدول العربية تعلم كيف تدير أمورها الأمنية، وهو في واقع الحال لا يستقيم مع الحوار السعودي - الإيراني المعلن، والذي تسعى من خلاله المملكة لحل نقاط الخلاف الجوهرية والتوصل لتفاهمات من شأنها تحسين العلاقات مع طهران، ذلك ما حرصت على تأكيده دولة الإمارات عندما صرحت قبيل القمة بأنها تنوي إعادة سفيرها لطهران في سبيل تعزيز العلاقات الإماراتية – الإيرانية، كما أن تصريحات الأميرة ريما بنت بندر سفيرة خادم الحرمين في واشنطن عندما بينت أن زمن النفط مقابل الأمن ولى توضح بشكل لا يقبل القسمة بأن الرياض تعلم كيف تدير أمنها، ولا تقبل إملاءات خارجية بشأن تحالفاتها السياسية.
من الواضح أن الرئيس الأميركي لم يستطع تحقيق أجنداته ومخططاته لسبب بسيط هو أنها لا تستقيم مع إرادة ومصالح دول المنطقة، وهكذا عاد بايدن لواشنطن خالي الوفاض.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .