العدد 5019
الثلاثاء 12 يوليو 2022
banner
التربية أم التعليم (2)
الثلاثاء 12 يوليو 2022

تحدثنا في مقال سابق عن مدى ترابط التربية بالتعليم وتأثيرها على العملية التعليمية، حيث إن البيئة التعليمية تتأثر سلباً وبشكل مباشر عندما يكون هناك خلل في مفهوم التربية.
التربية هي عملية شاملة ومعقدة، وذلك لارتباطها بكل الجوانب الشخصية المتعلقة بالفرد، ناهيك عن الجوانب الاجتماعية التي يرتبط بها الفرد أيضاً بشكل أو بآخر، وحسبنا هنا أن نعلم أن سلوك الفرد وهو الظاهر للعيان إنما يتولد من عوامل داخلية ومؤثرات خارجية تتمخض في نهاية المطاف بتكوين شخصية الفرد. دعونا نتفق على أن الفرد نواة الأسرة، وهو المكون الأول في المجتمع، فلا يعقل أن تكون هناك مجتمعات دون أفراد، وعليه فإن الاعتناء بهذه النواة من شأنه أن ينعكس إيجاباً على الأسرة ومن ثم على المجتمع، وهكذا تتواصل الحلقات حتى يصل تأثيرها إلى الجميع.
إن الاعتناء بالجانب التربوي للفرد - بمفهومه الشامل - لأمر مهم ومطلوب، ليس فقط في العملية التعليمية، إنما في شتى مناحي حياة الفرد، فعلى سبيل المثال، البدن يحتاج إلى تربية فالعقل السليم في الجسم السليم، والقلب يحتاج إلى تربية وهو ما يعرف بالذكاء العاطفي، والفكر يحتاج إلى تربية فالأفكار الشاذة عادة ما تنفث سمومها في ضعاف النفوس، والنفس أيضاً تحتاج إلى تربية فكما قال الشاعر “والنفس كالطفل إن تهمله.. شب على حب الرضاع، وإن تفطمه ينفطم”، وهكذا لا يمكن إغفال أي جانب من هذه الجوانب.
فلو أردنا أن نعالج الجانب التربوي في حياة الطالب وهو مدار حديثنا فعلينا تتبع هذه النواة، فالبذرة لا تنبت ولا تنمو ليرتفع فرعها في السماء، ما لم يكن أصلها ثابتا في الأرض، وثباتها يعتمد على قوة جذورها، ولا يمكن لهذه الجذور أن تتماسك ما لم تكن التربة مهيئة وصالحة، ناهيك عن أهمية اختيار الموسم الملائم بل والمكان المناسب.
أعتقد أن الأمر أصبح واضحاً الآن، فنستطيع الجزم بأن التربية توضع لبنتها الأولى في سن الرضاع، إن لم يكن في نوع الرضاع، هذه حقيقة ربما لم تنل حظها من الاهتمام ولكن الحر تكفيه الإشارة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .